زوج زيتون
شهاب علي
الهند
------------------
تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمارة الضوء، رجعت الطيور إلى أعشاشها، ولجأ الناس إلى مبائتهم، ودوّت أصوات الحشرات بين الورقات والأعشاب.
لاح فوق الجبل ضوء قنديل دَلَّ على وجود كوخ هناك. والجبل يُسمى جبل 'الرُّهاب' لأنه مليء بالوحوش. مشى الرجل باتجاه الضوْء. دوت أصوات نباح الكلاب عبر الغابات الكثيفة. خفقت نبضات قلب الرجل خفقانا، وفکّر في نفسه: لماذا بنى هذا الكوخ فوق الجبل؟ شعر بشدة الجوع والتعب مع شدة الخوف والرهبة. أراد أن يستريح، ولكنه تخلى عن فكرة الاستراحة بسبب الخوف الذي تملكه. سار على الأشواك والأعشاب بقلب خافق من الهلع.
رأى الرجل أن ضوء القنديل يقترب، واشتد نباح الكلاب، وارتفعت أصوات الحشرات بشدة ولكنه لا يستطيع أن يحدد مصدرها، أدرك الرجل أن الضوء الذي ينتشر من القنديل هي من الكوخين، نعم هناك كوخان متلاصقان.علم الرجل أن لأصحاب الكوخ حقولاً في هذا الوادي أسفل الجبل لأنه رأى آثار الحقول. قرب الرجل من الكوخ الأول وفكّر "كيف أسأل الماء والطعام؟" ولكنه لم يفكر طويلا لأنه مُنهك من شدة الجوع والتعب، ولا يطيق الجوع أكثر. ثم دق الباب مرة. لم يجب أحد. ثم دق مرة ثانية وثالثة.
فتحت الباب امرأة جميلة، دلت حالتها على أنها نهضت من نصف نومها. ولكن لما رأت السيدة هذا الرجل الغريب غابت عن عينيها آثار النوم وسألت:من أنت؟
إسمي معين. أنا من البعيد. رحلت إلى بلد 'سرقند' للتجارة. وفي طريق عودتي إلى بلدي، ضللتُ الطريق إلى هذا الجبل الرهيب. أنا مُنهك من شدة الجوع. لو سمحت أريد قليلاً من الماء والطعام.
لكن المرأة خافت عنه لهيئته ومظهره. هو رجل أسود بشعْر كثيف، شعره متدل على عنقه، وعيناه جاحظتان، وأنفاه كبيران، جسمه ضخم، وأظفاره خشنة وطويلة، وفي يده حقيبة.
أرادت أن تعطي له الطعام والماء. وطلبت منه أن يجلس في داخل الكوخ. ولما منحته الطعام، التهمه بسرعة، ونظرت إليه نظرة شكر وامتنان. وسأل الرجل عن أهلها وأقربائها.
وبدأ الخوف يزول عنها وأجابت: ذهب زوجي للسوق ليبيع القطن التي زرعناه. أنا وحيدة هنا الآن. وسألت: هل أنت تاجر غني؟ تبسّم معين بلا صوت. وسأل:ما اسمك؟
اسمي زيتون.هل أنت وحيدة في بيتك؟
معين:لا، لي طفلان صغيران. ماتت زوجتي قبل شهرين.
أنا آسفة على سماع هذا. هل أنت تريد أن تقضي الليلة في كوخي؟.
لا، كيف أبيت في كوخ تسكن فيه سيدة جميلة بوحدها مع طفليها الصغيرين. ما حالة جارتك. من يسكن في الكوخ الآخر؟
هناك أيضا امرأة تسكن بمفردها مات زوجها قبل ثلاث سنوات.
لذلك أقول لك استرح هنا حتى الصبح. حين يطلع الصبح يمكنك أن تبدأ رحلتك.
وافق معين على قضاء الليلة في الكوخ، فجهّزت له الفراش للنوم. تمدد معين على فراشه وفكّر كيف أستطيع النوم في هذا الكوخ، هناك امرأة جميلة تعيش بوحدها مع الطفلين الصغيرين. بعد وقت قليل جاءت زيتون وبدأت تنام في زاوية في نفس الغرفة. فساورت الرجل خيالات وأفكارعديدة......
ورفع رأسه رويدا رويدا، وأخرج ورقة من حقيبته وكتب فيها رسالة ووضعها في فراشه.
فتح معين الباب في حذر كي لا يوقظ سيدة الكوخ وخرج. فرأى رجلا في الكوخ الآخر وهو ذاهب إلى بيت الخلاء. فساور الشك معين وفكّر لماذا كذبت زيتون لي؟ وأسرع خطاه للخروج من هذا الجبل الرهيب.
ولما خرج معين من كوخ زيتون نهضت زيتون من فراشها وأخذت بندقية زوجها وأطلقت النار على معين من نافذة كوخها وذهبت إلى قرب معين ورمت جسمه للكلاب وأخذت حقيبة معين وفتشت هل فيه نقود؟ لم تجد أي شيء فيها.
ورجعت إلى كوخها بلا أثر الخوف والندم. ووجدت ورقة على فراش معين، وقرأت الورقة ثم بدأت تبكي بحرقة.........
وقالت وتنفجر بكاءً: ماذا حدث لزوجي؟.....
۞۞۞