مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

العودة إلى الذات

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 18, 2022
739 


العودة إلى الذات

قصة قصيرة
بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر

كانت كمية القهوة تقل في الفنجان شيئاً فشيئاً، الفقاعات تطفو على سطحها كأنها أمواج في بحيرة ضيقة، تضطرب كلما لامست شاربيه، فتبتل شفتاه وأسنانه، وتستمد ملامحه من لونها الفاحم القدرة على التأمل والتفكير في أيامه السالفة وكم سكب خلالها من قهوة في وعائه.

كرّر قوله عدة مرات:

  • شربت نهراً من القهوة ولم أصل إلى فكرة واحدة تريحني في هذه الحياة.

الأحلام تحترق في ذاكرته احتراق السيجارة أمام منخاريه الواسعين، يتحدى المرئيات ويراهن الزمن، ثم يبتسم في حسرة، تسري حرارة الابتسامة في أوصال زوجته فتخاطبه:

  • هذه المدينة يا علي (اخدم بكري وإلاّ روح تكري).

ينظر إليها نظرة بلهاء قائلا في نفسه:

- لويزة زوجتي أصبحت منذ أسبوع فقط من سكان الحضر، تتنفس هواءهم في صمت، وكأنها عاشرت المدن منذ هجرة آدم وحواء إلى الأرض...!

- كيف حال البنت حليمة؟

- هي أمامك في الفراش، لم تنخفض درجة الحرارة عندها، مسكينة كادت أن تلفظ أنفاسها أثناء الليل؟

ويسألها الأدب منزعجا:

- هل كانت حالتها خطيرة إلى هذه الدرجة؟

- لا، ليس بسبب المرض، رأس أخيها عاشور الذي توسّد صدرها مدة من الليل.

يتنفس الأدب الصعداء وعيناه تنتقلان بين أبنائه النائمين على أرض الغرفة، ثم يقول متنهدا:

  • العائلة كبرت يا لويزة، والغرفة ضاقت.

وترد عليه زوجته في دلال مقصود:

  • وستكبر أكثر، ثم إلى متى ونحن كالسمك المصبّر، لقد آن الأوان لتفعل ما فعل جارك...

سأل منفعلا:

- ماذا فعل أيتها المرأة؟

- ألا ترى الفيلا والسيارة ووو...؟

قال لها زوجها:

- لا تنسي يا لويزة أن جارنا من مجاهدي حرب التحرير.

- وأنت ألست مجاهدا؟!

سأل على نفسه وذكريات الثورة تمر أمامه:

- أين هم المجاهدون الذين كانوا يتردّدون على البيت طيلة الحرب، الذين جاؤوا أول مرة إلى قريتنا وقالوا:

-إننا نحارب الكفار من أجل العيش في ظل الكرامة والحرية،

هل اســتشــهدوا جميعا؟ غير معقــول، إنهّم كثيــرون، ما هذه التناقضات التي أراها تنبت على صدر أمتي، أين هي العدالة الاجتماعية التي تمنّاها كل شهيد قبل وفاته،

كرّرت سؤالها:

- ألست مجاهدا، ألم تكن ممن حملوا الثورة على أكتافهم؟!

- ليست لي وثيقة تثبت ذلك يا زوجتي العزيزة.

- ومعارفك القديمة؟

- آه منك ومن أسئلتك التافهة المتكررة، قلت لك مرارا:

- اصبري وصابري، لقد كوّنت ملفا للانضمام إلى صفوف المجاهدين في سبيل الحق.

         قالت لويزة مستبشرة:

- إذن سنشتري سيارة ونسكن "فيلا" مع حديقة عن قريب.

- إن شاء الله، وإن لم يكن ذلك فسيعوضنا الله خيرا منه في الجنة.

ركّزت بصرها في عينيه مخاطبة إياهما في صمت، ثم ما لبث لسانها أن تحرك قائلا:

  • اليوم الاثنين، هل نسيت السوق الأسبوعي بمدينة بوفاريك؟ لقد أصبح قريبا منك الآن،،،

 

*****                  ******

 

(سامحني،، ما بك؟ ألا ترى؟ زد، إلى الأمام،،)

كانت هذه الكلمات تخترق مسمعيه كلما امتدت خطاه نحو ساحة السوق، استعذ بها وحشر نفسه في (كرنفال) من الأمواج البشرية، رأى نفسه صغيرا صغيراً..

الدروب كثيرة وعباد الله أكثر، دفعته الأجسام المزدحمة إلى الاقتراب من أول صوت ينادي في مدخل السوق الأسبوعي:

  • (لكل داء دواء، هذا قرص يسكت الضرس، جرب، جرب بلا فلس).

فرح علي وقال يحدث نفسه:

  • هكذا يا شاطر، عالج مجانا حتى في السوق، رغم انعدام المرض!

تحرّك إلى اليمين ثم إلى اليسار وقال:

  • لأرى هذه المجموعة حول ماذا تلتف، ألقى السلام فلم يلق ردّا، لأنّ الجمع كان منشغلا برؤية المشهد الثاني من مسرحية سوقية واقعية.

(الأشخاص... مجموعة من الشباب).

- قلت له، هيا أعد الساعة إلى مكانها.

- ألم تصدق، قلت لك بأنّني أعدتها منذ حين.

- انزل بها من السماء، انتظر، (يحاول تفتيشه)

- ليس من حقّك تفتيشي، من تكون أنت؟!

هزّ علي رأسه قائلا في حسرة:

  • أطفال اليابان عندما يلعبون يصنعون الساعات الالكترونية وشبابنا يتعاركون من أجلها!

النداءات تدعوه من كل صوب كأنها إذاعات التبشير العالمية...

  • الحوت موجود إذن البحر قريب.

قال علي العبارة السابقة في بلاهة عجيبة، ثم أردف سائلا في تعجب:

- لكن من أين تتغذى هذه المخلوقات البشرية؟

- أين تعمل كلها؟

الحمد لله لست البطّال الوحيد، لكن النقود كيف يحصلون عليها يا ترى؟ أرى الأمواج البشرية في كل شارع تزاحم العمران، وكأنّ أهل هذه البلاد في استقالة جماعية، أو أنهم يشيّعون جنازة ميت اسمه العمل...!

أه، لو يعلمون بأن العمل شرف وعبادة لتحققت المعجزة.

تقدّم منه طفل في سن ابنه:

  • عمي، كيس، كيس بدينارين فقط.

نافسه طفل آخر:

  • كيسي هذا أجود الأكياس، يحمل كثيرا من الأشياء.

أشار علي بيده قائلا:

  • لا،، لا أريد.

وجد نفسه في مهرجان جديد، في سوق الخضر، صراخ كصراخ الموتى يوم البعث، بدأ العرق يسيل من جبينه على شعر لحيته الظريفة،، امتلأ شهيقه بالغبار الممزوج بدخان احتراق البنزين في محركات السيارات، أحسّ بأنه في بداية الاختناق..  اشرأبّ عنقه يبحث عن شيء ما، ثم توجه مسرعا يشق الصفوف ويقتحم الأكتاف في حركة غريبة حتى وصل إلى مكان خال من وطأة المشاة، وجد كهلا يتربع على حصير فتذكر وصية ابنه قبل يومين:

  • أبى، اشتر لي كتابا عندما تزور سوق الكتب...

فقال للكهل:

  • أعطني كتابا لطفل في السنة الأولى.

سلّم له بائع الكتب كتيبا صغيرا أصفر اللون، كان عنوانه (قرعة الأنبياء).

- امتقع لون وجه علي فأعاد الكتيب لصاحبه ويده تبحث في جيوبه عن شيء قد أفل، كرّ راجعا من حيث أتى، ينظر في الأرض المغطاة بالأقدام وإلى الوجوه فيراها وكأنها مغطاة بلباس التهمة، كان يقول في نفسه:

- هذا، لا، هذا سرق دراهمي، لا هو...

عاد إلى كل مكان مرّ به، لم يعثر على شيء، استوقف انتباهه شيخ ذو لحية كثّة، عليه ثياب بالية، يمشي في هدوء مشيرا بعصاه إلى الباعة ولسانه يردد في صوت جنوني:

  • (جاءتك الموت يا تارك الصلاة، جاءتك الموت يا...)

شعر علي بالغربة ثم سارع إلى تنفيذ فكرة خطرت على باله:

جلس أمامها القرفصاء، ونظر نحو يدها التي كانت تحمل سبحة صغيرة، بنية اللون، أحلامه تتراصف في مخيلته تراصف حبّات السبحة في الخيط، قصّ لها ما وقع له فبدأت تنظر فأله، وتقرأ طالعه:

- ستعود إليك درهمك، ستعود إليك إذا اشتريت هذا الحرز على بركة سيدي صالح.

- قبض علي على يديها بقوة وفرائصه تهتزّ انفعالا لأمر عجيب:

- سيدي صالح، هل تعرفين مكانه؟

نطقت متنهدة في فخر ممزوج بالحسرة:

  • أنا، أنا ابنته الوحيدة.

وقف مندهشا:

  • أنت، أنت بنت سيدي صالح حقا، يا إلهي، صحيح أنت أمي التي قالوا أن فرنسا ألقتها في الوادي الكبير.

لم تغرب شمس ذلك اليوم حتى وجد علي نفسه مع أمه وزوجته وأبنائه في طريقهم عائدين إلى قرية سيدي صالح،،،

وصار يردّد عندما وصل إلى مشارفها كلمات الشيخ:

-(جاءتك الموت يا تارك...)

                  *****                           *****

أحس علي بيد ناعمة تمر على جبينه في هدوء ففتح عينيه قائلا في فزع:

  • أين أنا؟ من جاء بي إلى هنا،،، هل كنت في حلم؟!

كانت زوجته أمام سريره تقول له في حيرة:

- قم يا علي، إن كبش العيد قد فرّ من الحمام وهو على سطح العمارة، حاول أن تدركه قبل أن يلقي نفسه من عل.

- نهض علي من فراشه بسرعة وخرج إلى شرفة شقّته، رأى الكبش يتخبط في دمائه وسط الشارع وجموع الناس حوله، وسمع الأطفال يرددون:

- كبش علي انتحر.

تأمل علي ذلك المنظر في صمت، رأى فيه المتاعب التي تحملها المدينة في جوفها المتعفن، وتذكّر بيته الريفي الفسيح وبستانه اليانع، فقرّر الهروب من المدينة الغاضبة والعودة إلى ذاته.

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal