مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

عازفة قصر البيكاديللي

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 18, 2022
758 


عازفة قصر البيكاديللي

قصة قصيرة
بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر

عندما وقفت سيلينا أمام المرآة، تذكرت كلمة والدها، التي كان يرددها كثيراً. 

"البيانو أنيق ولا يقبل غير الأناقة من مستعمله."

تتأنق. تلبس الخفيف الأصفر في فصل الربيع، الأبيض في الصيف بعد أن تخترقه بلون حار كالشال الأحمر كما تفعل الآن، في الخريف والشتاء، يصبح اللون الداكن هو خيارها. وكلما ترنحت قليلا في الشارع، شعرت بأن شيئاً ما في الشارع مزهو بها بامتلاء كبير

وعندما تتخطى العتبة تصبح ابنة الخارج. كل شيء فيها ينضع بالحياة حتى ولو كانت بيروت لا تتوانى عن منح الموت في كل الزوايا والظلال الخفية.

"البيانو لا يحتمل شيئا غير الجمال والإدهاش". 

جلست على الكرسي قليلا تسترجع بعض المقاطع التي حضرتها للأمسية اليوم. وهي تعرف أنه عليها أيضاً إرضاء الجمهور بما يريده. جمهور نوعي. خمس نجوم VIP.نزل فينيسيا مدهش وله خيارات عالية في كل شيء. لو لم أكن عازفة بيانو في بيكاديللي قبل حرقه، ما قبلوا بي.

فتحت كراسة مذكراتها كما تعودت أن تفعل كل صباح، قبل الخروج، لأنها في المساء تعود منهكة، بالكاد تأخذ دش، ثم تحاول مشاهدة فيلم عالمي تنام في منتصفه. نيتفليكس وسعت من خياراتها، قبل أن تؤنبها ابنتها نينا التي كثيرا ما تدخل متأخرة من "جورنال المحقق"

أول جملة كتبتها أعادتها إلى سؤالها القديم: 

" لماذا أجمّع كل هذه الأسماء والشكوك حول حادث مرعب ومليء بالحيرة، مر عليه أكثر من عشرين سنة؟ ماذا يعني هذا سوى أن بيروت مدينة قاتلة ببرودة. لي يقيني الذي أحمله كالحجر الصلب على قلبي. لا أحد يعرفه. في ذلك المساء كان سكرانا ومشتعلا ومقهورا. شكك في كل شيء حتى في نفسه "لابد أن أكون ابن قحبة" إذا لا يمكن أن أكون فهذا الحظ المتعثر. حتى نينا الصغيرة وقتها نظر إلى أصابعها ويديها وشكل ساقيها ورجليها قبل أن يقولها وتدوي صفعتي على وجهه بعنف: وهذه اللقيطة سويتها مع مين؟" رد الصفعة عليّ عشرات المرات حتى شعرت بأنه سيقتلني. ظل يصرخ بشكل هستيري. "شو عرفني؟ تظلين مع عصابة بيكاديللي. لازم يتحرق. بل بيروت كلها لازم تحترق هي سبب هذه الدعارة اللي جعلت الفلسطينيين يركبونا. وبدل توجيه السلاح ضدهم، رحنا دفنا قنابلنا في أجساد لبعضنا. وحياتك لو كنت أعرف يوم الاجتياح الإسرائيلي أن ياسر عرفات كان متخفيا هناك في مرآب بيكاديللي، كنت بعته بالرخيص للإسرائيليين. كانوا يبحثون عنه لإذلاله أمام العالم. تمنيت أن أصرخ بأعلى صوتي، واشتمه بكل الكلمات القبيحة، لكني ما استطعت لأني كنت أعرف الحرائق التي كانت بداخله. في لحظة فكرت أن أدخر كل جهدي وأرميه من أعلى طابق. لكنه حسنا فعل. حمل صحيفة مازوت، خمس لترات، كان يخفيها دوما في الزاوية الخالية من البيت. مجرد احتياط كما يقول دائما. هذه الإشاعة التي اسمها بيروت، غير مأمونة الجوانب. في ثانية واحدة يمكن أن ينقلب عليك وتصبح عدوه، بل وطريدته الأساسية التي عليه أن ينهي حسابه معها. سأحرقها كما فعل نيرون بروما. سأنتقم ضد كل من كان وراء مأساتي. قتلوا أخي في فندق بوريفاج لأنه ما حكى شيئا عن العائلة. أذاقوه كل ألوان التعذيب بتهمة التخابر مع إسرائيل. فشلت ثلاث مرات أيام الحرب حرق فندق الذل لكني فشلت. الحراسة كانت كبيرة والمخابرات تتشمم كل شيء. وفي لحظات الغيرة، فكرت أيضا في حرق بيكاديللي وما أفلحت. قلبي وقتها لم يطاوعني. المكان نفسه بدأ يتحول إلى هيكل عظمي. شو راح ينفعني لو حكيت لنينا هذه الرواية؟ أنا أعرف أن البيكاديللي. لماذا أُلبِسني تهمة لا فائدة من ورائها؟ المكان يموت من تلقاء نفسه بعد أن أغلق وأهمل كليا." هذا هو أنطوان زوجي لا يعرف إلا التهديدات والشتائم، لكنه ولا مرة أقدم على فعل الحرق. لهذا لم آخذ كلامه أبدا مأخذ الجد. لكني على يقين أن الحارق هو. في ليلة خروجه الأخير، حدث الحرق ليلا، بعد منتصف الليل. كل الكلام الذي حيك حول الحرق لم يدخل مخي أبدا. تماس كهربائي؟ عقب سيجارة التصق بمادة بلاستيكية من ديكور مسرحية مروان النجار، فأحرق كل شيء، يد إجرامية قامت بذلك لقتل ما بقي حيا وواقفا في لبنان؟ لم أحك لابنتي لينا هذا الفضل من حياة والدها، فهي لا تعرف إلا صورة الظلم ومقتل عمها تحت التعذيب في بوريفاج. لم أقل لها أنه عندما كان في حالة سكر وتخدير، هدد بالحرق قال بأنهم لن يعثروا عنه، سيلتحق بجيش الجنوب. " شو عطوني حتى يحاسبوني؟ لا شيء. على العكس من ذلك، دولة إسرائيل منحت عائلات وأهالي عناصر جيش لبنان الجنوبي، ومنها عائلتي، الكثير من المحفزات، لتشجيع الجميع على التعامل معها: السماح لأفراد عائلة الجندي في جيش لحد بدخول إسرائيل والعمل في البساتين والمطاعم والمؤسسات المدنية كافة، وتأمين الطبابة والعلاج على نفقة الدولة. ظللت على صمتي حتى خرج يترنح وترك الباب مشرعة."

"نقطة. اتوقف هوني."

ثم أغلقت كراستها. وضعتها بمحاذاة البيانو، في مكانها الاعتيادي، مع قلم الباركر الجميل الذي ورثته عن عاصي رحباني ليلة انطفاء الضوء في المسرح.   

"أحرقوه، الله يحرقهم... شو راح يستفيدون يا سالي، بهيك جنون؟ لا شيء"

سمعت صوت والدها يأتي من بعيد، كأنه لم يمت برصاصة قناص البناية المقابلة التي فجرت قلبه. لقد تفادى القناص يومها رأس والدها على غير عادة القتلة الذين يجدون متعة لا توصف في التصاق بقايا المخ والجبهة والقفا والعينين، بالأرضية والحائط الملطخين بالدم وسيول المواد اللزجة. اختار قلبه لتكون الميتة سريه وأنيقة. كان القناص يعتقد أن القلب هو أجمل ما كان يملكه.

 

أغمضت سلينا عينيها لكيلا ترى إلا ما يمنحها الراحة.

نظرت إلى الساعة. نينا منهمكة في إعداد قهوتها العربية قبل الذهاب للنوم. دخلت فجرا. ظنتها سلينا أنها ستقضي الليلة بين ذراعي حبيبها الدرزي، لكنها سبقتها حتى للسؤال:

- هلا ماما حبيبتي. لهلا ما نمت. سهرت في جورنال المحقق. يريدون فضح كل العصابة التي قادت البلاد إلى الهلاك وابتذال الليرة.

- كثير يا ماما عليك

- الشغف يخفف من كل المصاعب.  

كيف أحبت درزيا، وهي من عائلة مسيحية؟ يا للعار. كلام ظلت عماتها العوانس الثلاث، يرددنه بخجل. فترد عليهم بعنف:

"- طيب، وبعدين؟ هذا خياري. وكان صديقي في الجامعة الأمريكية. من نصبكم آلهة صغيرة تحكمون على الناس؟ لا دين للقلوب إلا دين الحب، حتى ولو فشل في منتصف الطريق. يتحمل هذا القلب مسؤولية خياراته

ثم تنزل الستار نهائيا وتخرج دون أن تمنحهن أي شرح أو تبرير

تلتفت نحو سيلينا:

- بكير على فينيسيا؟

- لا قلبي. راح شوف مع الفندق الجديد، يبحثون عن عازفة بيانو متفرغة. اتصلوا بي بعد أن عرفوا من أكون، وتاريخي في بيكاديللي وأني ابنة وتلميذة أكبر عازف بيانو في بيروت: المعلم جوزيف، كما كانوا يسمونه.

- جدو مفخرة الله يرحمه. بس ارتاحي لك شوي.

- شطط الحياة يا نينا. البيانو كل شيء في حياتي. كلما تذكرت بيكاديللي أشتعل داخلي نجوما وغضبا. ليش؟ عشرون سنة وأكثر، وما يزال الألم على حالته الأولى. لا شيء تغير أبداً. في أي مكان أعزف فيه، أتخيلني في ركض البيكاديللي وأنا أرى البيانو يصعد من تحت، فتنفتح قطعتي الخشب ليعود الوضع إلى حاله، ويتربع البيانو المكان. ألغي كل شيء من ذهني إلا المكان الذي في رأسي.  

- ما صح لي أشوفه في عزه، لكني كلما مررت عليه في شارع الحمراء أشعر بجيل ملأ المكان ثم انسحب في صمت وحزن، لأن بيروت التي بناها، لم تعد بيروت. البارحة فتحوا قضية تحويل الأملاك العامة إلى كبار التجار والمضاربين في البلاد ومنها البيكاديللي. ولا نعرف من سيحاسب من؟ شيء خطير.  

- بالنسبة للبيكاديللي، خلص ما راح يستطيعون. استلمته الدولة. أصبح من الودائع المحمية

- لهذا يقولون إن الحرق لم يكن حادث تماس. جريمة موصوفة القصد من ورائها دفع الورثاء إلى البيع والتخلص من التركة الثقيلة.  

- ممكن جدا.

- البارحة لما حكوا عندنا في الجريدة عن البيكاديللي، التفتوا كلهم نحوي على أساس أني معنية بالموضوع، لأنهم يعرفون أن أمي كانت العازفة رقم واحد في هذا المسرح. جورنال المحقق متحمس. أعجبهم ما قمت به عن فندق بوريفاج ومخائه. كل ما دخله لا يمكنه أن يتحمل رائحته والصراخات الخفية التي فيه. يزرع الخوف على الرغم من أن المالكين الجدد يريدون تغيير الصورة وتحويله إلى فندق خمسة نجوم وجميل.  

- خفت عليك. القتلة في كل مكان. اقترحوا عليّ العمل فيه فور الانتهاء منه، لكني رفضت. سرقت منه وظيفته وتحول على مكان للتعذيب. كل من دخلهن لا يخرج منه سالما. المهم راح شوف الفندق الجديد وأمر إلى درسي في الجامعة الأمريكية، وأذهب بعدها إلى فندق فينيسيا لساعتين. أكون هون السادسة مساء

- أوكي ماما. راح أنزل عند جماعتي، وأعود شوي بكير لأبحث في الموضوع

- باي حبيبتي.

- باي ماما.    

ثم خرجت

لبيروت مزاجها وطباعها. كانت حرارة شهر أوت قد بدأت منذ الصباح الباكر.

 

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal