مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

اللّوح الثاني عشر

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 18, 2022
692 


اللّوح الثاني عشر

قصّة قصيرة
بقلم: علي لفته سعيد/ العراق

كان المجذاف قد اصطدم بشيءٍ صلبٍ وأنا أغرزه لأدفع المشحوف الى الأمام في عمق الهور.. كنت أدفع بالمجذاف أو ما نسمّيه المرْدي الذي يصل طوله ربما ثلثي عصا لاعب الزانة بهدوء من يريد سبر غور ما يراه أمامه من عالمٍ غريب.. كان الماء قد نشف من الهور وصارت أعماقه لا تُعطي صدراً للماء بقدر ما تمنح رائحةً زنخةً كأنها تحمل في روحها رائحة الأسماك النافقة أو حتى الحيوانات التي تركها أهالي الأهوار ونزحوا الى المدن.. لم يكن انغراز عصا المردي طبيعياً كما هي في المسافات التي قطعتها حتى وصلت الى حافات أهوارٍ أخرى تطلّ على مدينة العمارة.. بل شعرت به وكأنه ينزل الى منطقةٍ عميقةٍ ويصطدم بكتلةٍ صخريةٍ، جعلتني أتوقف لمسافةٍ وأعود الى ذات المكان، لأدفع عصا المردي من جديدٍ وأتأكّد من أن المردي لم يكذب، وأعيد ضرب القاع بحافة العصا عدة مرات كمن يختبر سمعه وردة فعل الضربة على ذراعه.

     للحظةٍ شعرت بخوفٍ حين ترتد العصا ومعها رنينٌ يجعل من عضلة يدي ترتجف مصعوقةً باهتزازٍ غريبٍ مثل ذاك الذي تخلّفه صعقةٌ كهربائيةٌ خفيفة.. كنت وحدي أظلّل القداسة التي هيمنت على تفكيري، في البحث عن نقطة الضوء، محاولاً البحث عن قبضة طينٍ تحكي لي إن الماء أصيل هنا وأنه يخفي ما انْفقد من أسطورةٍ ظلّت هي المهيمنة على الحكايات الخرافية كما يسميها أبي.

   مرّة قال لي: صرت مهووساً بالأسطورة وأخاف عليك من الجنون.

     وراح يكيل الشتائم لجلجامش الذي سمعه مني وكأنني أردّد أحد الشياطين، حين ذكرت له إنه أقدم من نوحٍ وأنه كان ابن إلهٍ وإنه هو الإله عند البعض ويقال ان نصفه بشر والنصف الآخر إله.. صرخ بوجهي أن أصمت واستغفر الله لأن ما أقوله هو الكفر.

      لم يكن قول أبي مصادفةً تقبض روحها وأنا أشقّ بقايا القصب الأخضر في عرض الهور.. بل كان يلاحقني كلّما رحت الى العمق البعيد في المدى المندفع من المشحوف الغاطس في الماء، ومقدّمته تنفتح باتجاهي اليمين واليسار مثلما كان ينفتح حين أدفعه بذراعي وأنا أسبح في نهر الفرات بالقرب من جسر الحديدي في مدينة سوق الشيوخ.

 

****

كنت مشغولاً بما يدور في رأسي من أنني سأكون المنقّب والعاثر على الأثمن مما ضاع من أسطورة ملحمة جلجامش.. اختارني القدر أن أكون من يكمل ما نقص من الملحمة التي لا يعرف العالم أين اللوح المفقود وها أنا يختارني القدر لأخترق هذا العالم المخيف الممتد بين مدن الجنوب لأتحرّك دون مبالاةٍ بما يمكن أن يخيفني متسلّحاً بالقوة والإصرار. كنت أرى القاع.. وبقايا سيقان القصب الباحثة عن جذورها.. وثمة ديدانٌ وحيدةٌ تتحرّك بين بقايا أوراقٍ ساقطةٍ أو جذورٍ مقطوعةٍ.. فخفت ألّا تكون هناك أفعى الهور العملاقة التي تخيف كل شيء والتي قال عنها أبي إنها التي أكلت كلّ الحيوانات والبشر بعد أن تم تنشف الهور في الحرب مع إيران.. كل شيء أمامي واضحا إلّا الحفرة التي نزلت فيها عصا المردي الذي عدت من جديد أضربها من جديدٍ لثلاث مرّاتٍ وكانت ردّة الفعل هي ذاتها.. الارتطام بشيءٍ قوي.. صخرة أو قطعة حديد ربما على شكل صندوقٍ.. كان شيء ما يسري من العصا الى يدي الى جسدي كلّه ولا ينتهي إلّا بعد أن أرفع العصا الى الأعلى.. وتذكّرت تحذيرات أبي وتخيّلت إن العربيد الذي تحدّث عنه سيخرج لي فانتفخت روحي رعباً حتى إني كدت أتراجع عن مهمتي في الإبحار وحيداً في الأعماق لتحقيق رؤية جاءتني من جلجامش وانكيدو من إنهما مرّا هنا في رحلة العودة بعد المواجهة مع خمبابا وبعد أن احتسيا الشراب في حانة سيدوري.

في ليلتها كنت منبهراً بما أسمعه عن الحكاية التي تحوّلت الى ملحمة.. وكان صوت جلجامش يجعلني أهتزّ بين ذبذبات مكهربةٍ وهو يسألني عن سرّ اهتمامي بالملحمة، وحين أخبرته من أني توصّلت الى إن ما نعانيه اليوم سببه تلك الحقب التي استغلّت الانسان.. سمعت ضحكته القوية حتى تخيلت أنى البيت سيسقط وان ابي سيستيقظ ويتّهمني الكفر الإلحاد من جديد.. وسمعت أنكيدو يقول.. وهل اكتملت معرفتك أو نبوءتك؟ لم أجد جواباً.. لكن جلجامش وهو يشير الى أن الحكاية لم تنته بعد، راح يحدّثني عن لوحٍ سقط من سفينتهم المصنوعة من قصب البردي، مكتوب فيه ما آلت إليه الأمور بل مكتوبٌ فيه ما يتوقّعه من مصيرٍ للعالم.. وحين سألته عن الرؤية.. قال عليك بالبحث أن أخذت سير طلوع الشمس امام عينيك.. وقال جملته التي ثقبت رأسي وجعلتني افز مرعوبا من النوم: في المياه دائما هناك حياة وفي بطن الماء ما يسكن من الأسرار وهناك في الهور ستجد ما لم يجده أحدٌ قبلك.

 

***

كان حيزوم المشحوف قد ارتفع قليلاً حيث انحدر باتجاه الماء فأحدث فوضى الارتباك من شيءٍ نابتٍ في الأرض.. وحين أمعنت النظر وجدت عصا المردي تنزل الى عمقٍ أكثر من عمق الماء الذي أدفعه وكأن حفرةً صغيرةً في القاع المستوي كانت بمحيط لا يتعد المترين.. لم أزل خائفاً ولا حركةً سوى إعادة غرز العصا حول المكان الذين شعرت بحرارةٍ كبيرةٍ تخرج منه وتلفح وجهي دون أن تكون هناك حركةٌ غريبة.. كانت العصا تنزل بحدود المتر في الأماكن العادية وحين أضغط أكثر فإن قلا من نهاية العصا تنزل ليندفع المشحوف فأرى ظلّي يتحرّك.. ولكن حين أغرز العصا في المكان الصخري كما شئت أن أسمه فإن أكثر من مترين ونصف المتر تنزل العصا وتتحرّك سورة الماء في دائرة الحفرة وأشعر بحرارةٍ ساخنةٍ تخرج ولا أرى لظلّي هدوءاً بل أجده يتصاعد هسيساً الى الأعلى. فتساءلت.. هل حقا هذا عمق الهور؟

قال لي أبي محذراً إياي من الذهاب الى هناك بحجّة إن الهور الآن بلا حياة هجرته الطيور عافته الحيوانات ولم يعد للأبقار والجاموس مكاناً، كل شيء انحسر حتى الماء.. ولكنه وهو يداعب حبّات مسبحته السوداء بين راحتيه كمن يريد أن يطلق العنان لغنائه الريفي المدغم بالأنين قال: على زماننا قبل أن ينحسر الماء عن الحياة كان المردي الذي طوله ثلاثة أمتار لا يصل الى القاع والذي يغرق في بعض السورات لا يمكن انقاذه لان الطناطل والعرابيد تأكله.

     كنت أضحك في سرّي عن العقل الباطن لأبي إذا ما ذكرت له إن التاريخ نقل لنا أساطير الأولين وحكاياتهم ومنهم جلجامش وجماعته وإن هناك ألواحاً هي بمثابة الكتب في الوقت الراهن سجّلوا فيها حركتهم وبطولاتهم.

***

لا أدري للحظةٍ تخيّلت طنطلاً كبيراً جدا يصل رأسه الى السماء يخرج لي من بطن الحفرة العميقة.. كان يشتعل ناراً ويفتح شدقيه ويمدّ ذراعين من شرر.. صورة انتابتني من حكايات أبي ومن تلك المشاهد التي ينتجها أصحاب الأفلام السينمائية المرعبة.. ضحكت وغرزت عصا المردي في الحفرة لأتأكد للمرّة العاشرة ربما كم يبلغ عمق الحفرة.. وحالما أغمضت عيني وأنا ألتقط الأنفاس، أطلّ جلجامش برأسه المنفوش الشعر الذي يصل الى أسفل كتفيه وملابسه المصنوعة من الجلد والتي لا تغطي ركبتيه يهزّ المشحوف ويرفع كفّاً أكبر من وجهي ويشير لي بأصبعٍ مدوّرٍ بحجم دائرة العصا التي أمسكها بلفّ كلّ راحتي حولها.. وأسمعه يقول: ابق هنا.. هنا ضالتك.. لقد وصلت الى المكان الذي لا أحد يعرفه منذ آلاف السنين.. هنا دفن مدوّن الاسطورة لوحنا المفقود بعد أن أمرناه أن يوزّع الألواح على الأرض.

     كنت مشدوها وأنا أسمع بشكلٍ واضحٍ صوت جلجامش، ولم أكن مثل تلك الأفكار التي دوّنت فيها قصصي متخيّلاً الأحداث ومسترسلاً بربطها.. إن الهور هو العالم الأول الذي هبط عليه آدم..

سمعت: إياك إن تخبر أحداً.. ستنزل عليك لعنتنا، لم يحن بعد الكشف عن اللوح المفقود.. لم أفهم منه شيئاً ورجوته أن يتحدّث أكثر، وشعرت بحركةٍ عنيفةٍ أصابت المشحوف جعلتني اهتزّ يميناً ويساراً حتى كدت أسقط في الماء. فتحت عيني لم أجد في مدى رؤيتي إلّا طيراً وحيداً يشبه طائر النقار، يقف على جذع شجرةٍ يابسةٍ وحيدةٍ، طار حلما رآني أقف ممسكاً بعصا المردي يحلق في السماء بدورتين ليعود موجها منقاره باتجاهي.

***

 طردت من رأسي كل الكلام والصور التي تنتابني بل وطردت حتى الطنين الذي أراد الاستقرار في أذني.. نزلت وغطس أكثر من نصف جسدي في الماء، فاندفع المشحوف الى الأمام مسافة مترٍ عن مكان الحفرة.. غرزت العصا في منتصفها وجعلت الشمس في خطٍ مستقيمٍ معها.. رأيت الضوء ينزل الى العمق، وبدأت أدقّ في الحفرة فارتدّ صدىً يشبه الضرب على صخرةٍ جلمود.. ثبّتُّ العصا داخل الحفرة وأمسكت بها بكل قواي ودفعت خوفي.. أخذت نفساً ونزلت الى العمق فاتحاً عيني، وراحت أصابعي تنبش في القاع، فتلمست أشياءً طينيةً وصخرةً صغيرةً أزحتها بقدمي وشعرت بشيءٍ ما ينغرز بأخمص قدمي اليمنى.. وبسرعةٍ أمسكت بشيء ليّنٍ على شكل لفافةٍ مطويةٍ بعنايةٍ في وسطه شيءٌ صلبٌ.

     فجأة اهتزّ المكان وانفجرت الحفرة وانبثق الماء بصوتٍ جبّارٍ.. كأن عين ماءٍ خرجت من عمق الهور وقذفتني الى الأعلى مثلما انقذفت العصا معي طائرةً تزيح الهواء لأسقط وسط المشحوف الذي اندفع سريعاً الى عين الشمس التي وجدتها تسقط في الأفق.. وثمة صوتٌ يصرخ بي: ألم أقل لك إيّاك أن تفشي السرّ فتلاحقك لعنتنا.

***

كانت غائباً ربما عن الوعي حين وجدت جسدي وسط المشحوف نائماً على وجهي واللّفافة التي سحبتها من تحت الصخرة في يدي، كانت مصنوعةً من جلد أسدٍ أو نمرٍ مشدودة الأطراف بعنايةٍ حتى لا يدخلها الماء.. فتحتها على ضوء ما يسّاقط من الشمس في الأفق الغربي.. فخرج لي لوحٌ عليه رسومٌ مثل تلك التي وجدتها في المتحف عن الألواح الأحد عشر للملحمة.. ولكني لا أفهم ما مكتوب.

     سمعت صوتاً جهوريا خيّل لي أنه يصل الآفاق كلها: هذا هو اللّوح المفقود أيها العنيد.. كتبنا فيه ما يمكن أن نكون عليه في العالم السفلي الذي لم يتخيّل أحدٌ منكم كيف يكون.. إنه نبوءتنا وصراعنا الأزلي والسرّ المدفون دائماً في روح الماء...

     لم أسمع بعد شيئاً.. أنقطع الصوت وسمعت حفيف طائرٍ قرب رأسي.. راح ينقر في اللّوح.. كنت خائفاً ومرعوباً أن يحمله بمنقاره ويغيب.. وكان آخر ما سمعته صوت سقوط اللّوح في مياه الأهوار التي دفعتني بعيداً بسرعةٍ رمتني عند حواف المدن العتيقة.

 

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal