مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

اَللِّحَافُ

Vol No 1, Issue No 2- مجلة قطوف الهند
April 01, 2022
651 


اَللِّحَافُ

(من الأدب الأردي الهندي)

 بقلم: عصمت تشغتائي[1]

المترجم: د. محمود عالم الصديقي[2]

 

في موسِم الشتاء عندما أَضعُ على جسدي لحافا يترأى لي ظِلَّه على الجدار مثل فِيْلٍ يتأرجح ويتمايل. وهذا يذهب بذهني إلى الزمن الماضي، ويثير في ذهني حشْداً من الذكريات القديمة.

        عذراً.... لا أريد أن أحكي لكم قصصي الرومانسية الخاصة بلِحافي، ولا يجوز ربط اللحاف بالرومانس. ويبدو لي أن البِطَّانِيَّةَ - لو أنها أقل راحة من اللحاف - لا يلقي ظِلًا مروِّعًا مثلما يلقى اللحاف الراقص - ظلا مروِّعا - على الجدار.

          وهذه قصَّة زمن كنتُ فيه فتاة ً صغيرة السِّنّ، وكنتُ أقضي أيامي في مشاجرة إخْوَتي، أشاجر إخوتي طول النهار وأنازع صديقاتي كل الوقت... وكثيرا من الأوقات أتعجب على نفسي: لماذا كنتُ شريرة وحادة المزاج إلى هذا الحد. كانت أخواتي الأخريات في مستوى عمري مشغولاتٍ في الجري وراء العشاق، بينما كنتُ مشغولة في التعارك مع فتىً أو فتاةٍ سواء من أسرتي أم من خارجها.

         ولهذا السبب عندما ذهبت أمِّي إلى مدينة آغره تركتْنِي لأسبوع كامل عند إحدى صديقاتها التي اعتبرتها اختا لها. وكانت أمي تعرف جيداً أن منزل أختها هذه خال من صبي أو صبية. فما أمكن لي المشاجرة مع أَحْدٍ ولا المشاكسة معه. ولذا كانت الإقامة في ذلك المنزل أشد عُقُوبة لي. تركتني أمي عند منزل صديقتها "بيغم جان": نعم عند نفس بيغم جان التي لِحَافُها مازال محفوظا في ذهني حتى الآن كجرح موجعٍ من الحديد الساخن. كانت "بيغم جان" هذه من أسرة فقيرة، وقد رَضِيَ أبواها الفقيران بأن يزوَجَاها من أمير كبير السِّن، لأنه كان رجلا صالحا يتمتع بالسمعة الطيبة...فلم تُرَ قَطُّ في منزلِه فتاةٌ سوقيةٌ أو عاهرة. وكان الأمير نفسه حاجّا، وقد ساعد كثيراً من الناس على أداء فريضة الحج. ولكن كانت له هواية عجيبة، بعض الناس يعشقون تربية الحمامة وبعضهم يعشقون مصارعة الطيور المربية والبعض الآخر يحب مصارعة الديوك. ولكن الأمير كان ينفر من مثل هذه الألعاب العابثة. غير أنه كان يستضيف في منزله غِلْمَانا وهم طلبة العالم ذووا اللون الأبيض وخُصُوْرٍ دقيقة، وينفق عليهم من ماله. ولذا نسِيَ الأمير زوجته "بيغم جان"، بل واعتبرها شيئاً من الأشياء المنزلية. بدأت بيغم جان" التعيسة" هزيلة الجسم وناعمة الجلد تذوب في حزن الوحدة وتضمحل في همِّ العزلة.  

لا يعلم أحد متى بدأت حياتها:  منذ لحظة ولادتها أو منذ قدومها إلى بيت الأمير عروسا لها، تنام على السرير الخشبي المزخرف، أم من اليوم الذي نزلت فيه جماعة من الغِلمان طلبة العلم إلى منزل الأمير، و بدأ يقدم لهم الأطعمة الشهية من الحلويات  والدجاجات المقلية، و بدأت "بيغم جان" تحترق في فراشها بعد النظر من ثغرات قاعة الضيوف إلى أكعاب هؤلاء الأولاد ذوي الخصور الممشوقة وإلى أقمصتهم الحريرية الشفافة المعطرة، أم منذ اليوم الذي تركت فيه تعويذات وطلسمات والسحر الأسود والوسائل الأخرى بما فيها سهر الليالي في تلاوة النصوص الخاصة طامحة إلى استعادة زوجه الضال ونيل حبه لها، ولكن ذهبت جميع جهودها أدراج الرياح. فلم يتغير الأمير، ولم يتحرك من موقفه شبراً. بل وأصبح كحجر لا يخرج منه الدم. فانكسر قلبُ "بيغم جان". ثم توجهت منكسرة القلب إلى تحصيل العلم ولكنها فشلت فيه أيضا. وسيطر عليها اليأس والقنوط بعد قراءة الأشعار العاطفية والروايات الرومانسية التي زادت من قلقها، حتى طار النوم من عينيها في الليالي. فبدأت تسهر الليالي بحثا عن الحُبّ الذي لم تذق حلاوته في حياتها قط. فتحول شوقها للحبِّ إلى كومةٍ من اليأس والحزن.

         وبدأت تكره ملابسها الجميلة، وهمّت أن تحرقها في النار، لأنَّ الملابس الجميلة تُرتدى لإغراء الرجال، أو لجذب انتباههم. ولكن من تغريه ومن تجذب انتباهه؟ كان الأمير يدقق النظر إلى فساتينها المخملية، ولا يسمحها بأن تذهب إلى أيّ مكانٍ أو تزور أحداً. فمنذ اليوم الذي جاءت كعروس في منزل الأمير طالما يزور قريبٌ من أقرباءها منزل الأمير، ويقيم فيه شهرا أو شهورا، ثم يرجع إلى منزله، و"بيغم جان" التعيسة هي الأخرى حبيسة المنزل.  فكان يغلى دمُها برؤية هؤلاء الأقرباء المترددين يهدرون أموال الأمير على أنفسهم ويستمتعون بها، ويتناولون الأطعمة الشهية الغنية بالسمن والزيت والجبن، ويبذرون الأموال على صنع الألبسة الدافئة لموسم الشتاء. ولكنها تختلف منهم، تشعر بالبرد الشديد برغم اللّحاف المنسوج بالقطن الجديد. ويلقي هذا اللحاف بظلاله على الجدار ويصنع أشكالا مختلفة على كل منقلب تأخذه. ولم يكن الظل وحده يكفي لإبقائها على قيد الحياة. فلماذا يعيش أحد؟ الحياة! حياة "بيغم جان" كانت مقدرة عليها أن تعيشها، فبدأت تعيش حياتها وعاشت حياةً كاملة.

        وأنقذتْها "رَبُّو" من السقوط على الأرض. وسرْعَانَ مَا بدأ جسمُها الجاف ينتعش. وتوهجت خدّاها المضمحلتان، وتفتَّحَ جمالها. وعادت الحياة إلى "بيغم جان" من تدليك خاص بزيت عجيب. وعذراً، لن تجد تركيبة مقوِّمات هذا الزيت العجيب على صفحات أرقى المجلات.

        ولما رأيتُ "بيغم جان" أول مرة كان عمرها نحو أربعين سنة. وكانت جالسةٌ، نصف مضطجعة بزهوٍ على الأريكة، وكانت "ربُّو" تدلك خصرَها جالسةً خلفها ملتصقةً بها. كان الشال الأرجواني ملقى على قدميها، وبدت لي كملكة ذات جلالة وشأن. وفتنتُ بوجهها الجميل، وأردتُّ أن أمعن النظر إلى وجهها بِالقُرْب ساعاتٍ. وكان جسمها أبيض بدون الحمرة، وشعرها أسود مغسولا بالزيت بالدوام، ما رأيتُ شعرها أبداً غير ممشوط ولا رأيتُ شعرة خارجة من موضعها، كان مفرق رأسها دائما على النظام. كانت عيناها سوداوين، وكانت الحاجبان بسب إزالة الشعر الزائد منهما تبدوان مثل القوسين الممتدين على العينين المحتشمتين ذات الجفنين الثقيلين المتورمين. وكان الجزء الأكثر فتنة في وجهها شفتيها، وهما تكونان مصبوغتين بالأحمر بالعموم، وكانت على شفتها العليا بعض الآثار للشارب. وكان الشعر الطويل سارحا على صُدْغَيْهَا. وعند تحديق النظر إلى وجهها طويلاً بدت صورتها تتغير، وتبدو لي شكلا عجيبا كأنه شكلٌ لشاب صغير السِنِّ أو لوَلدٍ صغير السن.

        وكان جلد جسمها أيضا أبيض اللون، وناعم اللمس، ويبدو أن أحداً قد أحكم نسجها أو خاطها بدقة وبراعة. وعندما تكشف ساقيها للحَكِّ أسرقُ النظر إلى لمعانهما باستمرار. وكانت طويلة القامة، ممتلئة الجسم، ما جعل هيئتها متناسقة وجميلة المظهر. وكانت يداها طويلتين ناعمتين بيضاوين. وكان خصرها رائعا في البنية، - كانت مثلما ذكرت- و"رَبُّو" تستمر في دَلْكِ ظهرها يعني أنها كانت تَدْلُكُ ظهرها سَاعاتٍ، وقد بات دَلْكَ الظهر أيضًا من الاحتياجات اللازمة للحياة بالنسبة لها، بل الأحرى أن يقال إن الدلْكَ كان أكثر بكثير من الاحتياجات اللازمة للحياة.

        ولم يكن لـ "ربُّو" عمل منزلِيٌّ آخر سوى الدلك. فكانت تدلُك كل الوقت جالسة على الأريكة، أحيانا تدلك رأسَها وأخرى تدلك أعضاء أخرى من جسمها. أحياناً أشعر بالفزع برؤية "ربُّو" مشغولة بالدوام إما في دلك عضوٍ من أعضاءها أوفي فرك أحد أعضائها. وربما أتفكر في: لو كانت أخرى من سواها فماذا حدث، وأتكلم عن جسمي، فلو دلكه أحد بهذه الكثرة لفسد وتلف.

        وثُمّ لم يكن هذا الدلك اليوميِّ كافيا. ففي اليوم الذي تغتسل يبدأ الدلك الخاص ببخور معطرة قبل ساعتين... وتدلكها "ربُّو" بقدر كبير من القوة حتى يشمئز قلبي بمجرد تخيله. وتُغْلَقُ أبواب الغرفة، وتُوْقَدُ المواقد، ثم يبدأ طور الدلك، ولم تكن في الغرفة إلا "ربُّو"، والخادمات الأخريات يزودنها بالأشياء اللّازمة من عتبة الباب مُدَمْدِماتٍ.

 وفي الحقيقة كانت "بيغم جان" مصابة بمرض الحكِّ، وفي بعض الأحيان تُصاب بنوبة من الحك حتى لم تستطع زيوت الدنيا وبلسمها أن يشفيها من الحكِّ. وإنَّ الأطباء المعالجين قالوا بعد معاينتها: لا يظهر على جلدها مرض، وجسمها الأبيض خالٍ من أي أثر من آثار الأمراض الجلدية، وقد يكون المرض في دمها أو تحت جلدها: فتقول "ربُّو" مبتسمة ومحدِّقة إليها بعينيها الصغيرتين: "لا. لا: لستِ أنتِ مصابة بمرض خفي... وإن هؤلاء الأطباء والحكماء من الأغِرَّاء والمجانين. وأهلك الله أعداءكِ بالمرض الخفي، وهذا يحدث بسبب دمكِ الساخن. ويحفظ الله هذه السُّخوْنَة في دمك." وأَمَّا هذه "رَبُّوْ" فكانت سوداء اللون عكس ما كانت "بيغم جان" بيضاء اللون، وبقدر ما كانت بيغم جان شفافة في البياض كانت ربو حمراء كالحديد الساخن. كان في وجهها الآثار الخفيفة للجدري، وكانت قصيرة القامة، ولكن جسمها كان ناضجًا ممتلئا بالأنوثة، وكانت لها يدان صغيرتان بل كانتا نشيطتين، وبطن صغير يبدو مربوطا، وشفتان كبيرتان متورمتان مبتلتان بالدوام. وكانت تفوح من جسمها رائحة كريهة تفزع منها النفوس....  كم كانت هاتان اليدان الصغيرتان الطريتان نشيطتين للغاية: الآن كانتا على خصرها، وفي لحظة ثانية انزلقتا بسرعة فائقة إلى مقعدها. ثم من هناك انتقلتا إلى فخذِهَا، ثم أسرعتا إلى رسغ قدميها. وكلما وجدت الفرصة للجلوس عند "بيغم جان" أمعنتُ النظر إلى يدي "ربو" إلى أين تصلان، وماذا تفعلان.

على طول السنة كانت "بيغم جان" تلبس الأقمصةَ الشبكيةَ الحيدرابادية ذات اللون الأبيض والبيجامات ذات اللون الداكن والساطع، وحتى في موسم الصيف الذي تستخدم فيه المروحة هي تغطي جسمها بالشال الخفيف، وتحبُّ موسم الشتاءِ، وأنا أيضا أحبُّ أن أكون في منزلها في ذلك الموسم. وقلما تتحرك، وتمضغ في كل الأوقات الفواكه الجافة مضطجعة على الأريكة، في حين كانت "ربو" تدلُكُ ظهرها. وكانت الخادمات الأخريات يحسدنها على رؤية "ربّو" لا تتناول الطعام مع بيغم جان فحسب بل وتنام معها أيضا. لذلك كانتا موضوع حديثهن في أوقات فراغهن. فلا تذكر واحدة منهن اسميهما حتى تنفجر الجماعة بقهقهات عالية. وأنهن ينسجن الحكايات الساخرة والنكت الضاحكة حيالهما. ولكن "بيغم جان" كانت غافلة عن هذه الدنيا وأناسها، منهمكة في دنياها التي لم يكن فيه شيء غير وجودها وحَكِّها.

ذكرتُ سابقاً أنني كنْتُ صغيرة جدا في ذلك الحين، ومفتونة بـ "بيغم جان" وكانت هي الأخرى مولعة بي. ولما عزمت أمِّي السفر إلى مدينة آغره، تركَتْنِي عند "بيغم جان" لأسبوع كاملٍ. وكانت تعرف حق المعرفة لو تركتني وحيدة في المنزل لشاجرت إخواني. وهذا الترتيب قد أَرْضَى كِلَيْنَا: "بيغم جان" وإياي. وعلى كل حال فقد كانت أختا مزعومة لأمي... الآن في منزل بيغم جان" قد ثار سؤال – أين أنام؟ طبعا في غرفة "بيغم جان". فتمَّ وضعُ سرير صغير بجانب سريرها. وبِتنا نثرثر ونلعب "لعبة الصدفة" حتى الساعة العاشرة أو الساعة الحادية عشرة ليلا. ثم ذهبتُ إلى فراشي، وأما "ربو" فهي مازالت تحك ظهرها. فقلتُ في نفسي: المرأة المسكينة البائسة: وسقطتُّ في النوم. واستيقظتُ في الليل، وكنتُ مذعورة. غشيت الغرفة ظلام قاتم، ومع ذلك أحسستُ أن لحافَ "بيغم جام" يهتز بشدة حتى بدا لي أن هناك فيلًا يصارع في داخل اللحاف.

"أف بيغم جان....." بالكاد استطعت نطق كلمة من شدة الخوف. وفجأة توقف الفيل من الاهتزاز وسكت اللحاف. يا ترى ما يحدث؟  وفي ذلك الحين بدا صوت "بيغم جان يظهر من مكان ما يقول: "نَامِيْ."

  • " فرددتُ هامسة: أنا خائفة." 
  • "مم تخافين حلوتي؟" قومي بتلاوة "آية الكرسي".  
  • قلتُ نعم في الموافقة... وبدأتُ أتلو آية الكرسي"، ولكن كلما وصلتُ إلى "يَعْلَمُ مَا بَيِنَ ..... أصبتُ بالنسيان، غير أنني أحفظ " آية الكرسي" كلها عن ظهر قلب.
  • هل يمكنني أن أنام معك بيغم جان.
  • لا طفلتي... "حاولي النوم على فراشك". وكانت لهجتها جافة على غير عادتها. ثم سمعت صوت امرأتين تتهامسان. يا إلهي!  من كانت هذه الثانية. فزعتُ أيما فزع. وقلتُ "بيغم جان" أحسبُ ان هناك لصاً في الغرفة. نامي طفلتي...ليس هناك لصٌّ". وكان هذا صوت "ربُّو"، وغطيتُ وجهي باللحاف وسقطتُ في نوم عميق.

في الصباح التالي نسيتُ تماما المنظر المُرَوِّعَ الذي شاهدته البارحة.  وبدا لي وهماً من الأوهام - وكان خوف الليل، والمشي في حالة النوم والكلام في المنام من الحوادث اليومية في طفولتي. وكان كل واحد يقول لي: لقد مستك روح خبيثة. ولذلك اختفت الحادثة عن ذاكرتي.  ويتراءى اللحاف في الصباح بريئا تماما. ولكن في ليلة أخرى استيقظتُ مرة، وسمعتُ بيغم جان وربُّو" تجادلان بلهجة خافتة، ولم أستطع سماع ما تقولان وما كان سبب الشجار بينهما. ولكن سمعتُ صوت بكاء "ربو". ثم بدأ يعلو الصوت الملتهم لقطةٍّ تلعق طبقًا. فشعرت بالخوف، ونمتُ من جديد.  وفي اليوم التالي ذهبت "ربُّو" للقاء ابنها، وهو شاب غضوب ساعدها "بيغم جان" كثيرا، اشترت له دكَّانا، دبرت له وظيفة في القرية ولكن لم يرقه شيءٌ. وأقام في البيتِ لمدة قليلة مع الأمير الذي أعطاه الملابس الجديدة والهدايا الأخرى، ولكنه فرَّ من هنا بدون سبب، ولم يرجع حتى لرؤية أمها "ربو".... "ربُّو" ذهبت إلى منزلِ قريبٍ لها لرؤية ابنها. وفي بداية الأمر كانت "بيغم جان" كارهة لفكرة ذهابها إلى رؤية ابنها. ولكن أخيرا أدركت أن "ربو" مضطرة على ذلك حيث هي أم لابنه. لذا لم تمنعها بيغوم جان من الذهاب.

وكانت "بيغم جان" في ذلك اليوم مختلفة تماما عن سجيتها، أحسّت أن كل مفاصل جسمها تتألم، ولكنها لا تستطيع أن تتحمل أن تمسها يد أخرى. لم تأكلْ شيئًا وظلت تنقلب على أحر من الجمر على فراشها طول النهار. وسألتُها بحماسة: هل أحِكُّ ظهرَك يا "بيغم جان"؟  وبينما خلطتُّ مجموعة أوراق اللعب. وقد بدأت تمعن النظر إلىَّ. هل أنا أحك في الحقيقة؟ ووضعتُ أوراق اللعب وبدأتُ أحك ظهرها بينما بقيت "بيغم جان" مستلقية في صمت كامل. وكان من المقرر أن ترجع "ربّو" في اليوم التالي.... ولكنها لم ترجع. فصارت "بيغم جان" أكثر تبرما. فشربت فنجانًا بعد فنجان من الشاي حتى أصابها الصداع. وقد بدأتُ حكَّ ظهرها من جديد. كان ظهرها أملس. وفركتُها بلطف وكنتُ مسرورةً على مساعدتي لها في بعضِ أعمالها.

"بشيء أكثر من القوة أو مزيد من الضغط، افتحي الزر... قالت "بيغم جان". ههنا.... أسفل الكتفِ قليلا.... وهذا حسن جدا... آه، أوه... ما ألذ هذا.... عبَّرتْ عن سرورها عبر أنفاسها الجنسية... أسفل قليلا...."، أمرت "بيغم جان" بالرغم من تلك الحقيقة أن يديها تستطيعان الوصول إلى ذلك الموضع بالسهولة. ولكنها تريد أن أحكّه. كم شعرتُ بالفخر! ههنا.... آه، أوه، أووه، أنت تدغدغني.... آه... ابتسمت. وثرثرت معها وبينما واصلتُ حكَّهَا. سَأرسلُكِ إلى السوق غداً.... ماذا تريدين؟  دُميَةٌ تنام وتستيقظ مثلما تريدين؟ لا... "بيغم جان" لا أريد الدمى ... هل مازلتِ تحسبينني طفلة؟ فإذن قد صرتِ عجوزاً، وبعد ذلك قهقهتْ. وإلا تريدين دمية واحدة فإذنْ أعطيكِ دُمىً.. البسيه بذاتك، وأعطيك أيضا كثيرا من الخِرْقات. هل تحبين هذا. فردّدْتُ لها قائلة: الدُمى حسن... وبينما أخذتُ يديْ، ووضعتها حيثُ شعرتْ بالحَكَّ، وأنا استغرقتُ في التفكير في الدمى، وواصلتُ حكها بتوانٍ، وبينما نطقت: اسمعي.... أنتِ تحتاجين مزيدا من الأقمصة النسائية. سأرسل غداً أحدًا إلى الخيّاط طالبة منه أن يفصل لكِ قميصا جديداً. إن أمَّكِ قد تركتْ بعض الأقمشة لِلِباسك".

لا أحبُّ ذلك الثوب الأحمر، لأنه يبدو رخيصا جداً. وكنتُ أُثرثر، ثم تطرقت يدي عن غفلة من أمري إلى حيث لا ينبغي لها أن تذهب. وكانت "بيغم جان" طريحة مستريحة حتى الآن... يا الله! ونفضتُ يدي. أيتها البنت انظري إلى أين يداكِ.... قد جرحتِ أضلاعيِ. وابتسمت "بيغم جان"، أما أنا فكنتُ مرتبكة. تعالي ههنا ونامي.... هي جعلتني أضطجع وأسند رأسي على ذراعيها. "كم صرتِ نحيفة أنتِ... وأضلاعكِ ناتئة بارزة من شدة نحافتك.... وأخذت تحصي أضلاعي. حاولتُ أن أقوم بالاحتجاج. "هيّا، لا تخافي فلا ألتهمك. كم ضيقة هذه السترة! ولم تلبسي عليها صُدرَة دافئة." وأحسستُ بالضيق الشديد. "كم ضلعاً للمرء في جانب واحد؟" وغيرتْ الموضوع. تسعة أضلاع في جانب واحد، وعشرة في جانب آخر." قلت ذلك مستعيناً بالمعلومات التي اكتسبتها في المدرسة.... نحّي يديكِ ودعيني أحصيها... واحد، اثنين، ثلاث....." أردتُّ الفرار منها ولكنها أمسكتني بإحكام، وحاولتُ التخلص من قبضتها بحيلة، وبدأت "بيغم جان" تضحك بالصوت العالي. ومنذ ذلك اليوم كلما أذكر وجهها يتملكني الخوف. كانت جفنَاها هابطتين، واسودت شفتها العليا، وقُطَيرات صغيرة من العَرَقِ تصببت على شفتيها وأنفها وهي تلمع على رغم البرد. وكانت يداها باردتان مثل الثلج ولكنهما رطبتان كأن الجلد جُرِّد منهما. وقد خلعتْ شالَهَا، وفي قميص مطرز شفاف يلمع جسمُهَا مثل قرص من العجين، وكانت الأزرار الذهبية الثقيلة لقميصها تميل إلى جانب. وكان هذا الوقتُ مساءً وبدأ الظلام يسود الغرفة. وسيطر عليَّ قلق نابع من خوفٍ مجهولٍ، وكانت عينَا بيغم جان" العميقتين مركزتين عليَّ، وكنتُ على وشك البكاء. هي تضغطني كأنني دمية من الطين، بدأت أفزع من جسمها الساخن، ولكنها هي الأخرى كانت تتصرف كمن مسّه العفريت، وذهني في حالة من الذهول لا يستطيع الصُّراخ ولا البكاء. 

وبعد قليل انهارت واستلقت على السرير، تأخذ أنفاساً عميقة، وشَحَبَ لون وجهها وفتر. وظننتُ أنها ستموت، وخرجتُ سريعاً من غرفتها. وشكرت الله على أن "ربُّو" قد رجعت في تلك الليلة، وذهبتُ إلى الفراش ملتحفة ومتخوفة، ولكن النوم هرب من جفوني لساعاتٍ.

وأمي لم ترجع بعدُ من آغره. وبلغ خوفي من "بيغم جان" إلى حدِّ أنني قضيتُ طول نهاري في رفقة الخادمات.  وتجنَّبْتُ دخول غرفتها. ماذا أقول لأحد إنني متخوفة من "بيغم جان"؟ التي تغمرني بحبها.

وفي ذلك اليوم وقعت مشادة كلامية مرتين بين "بيغم جان" و"ربُّو". وهذا لا يبشر بالخير لي، لأن فكر "بيغم جان" قد اتجه إليّ بعده. ولكنها أدركتْ أنني أتسكع خارج الغرفة في البرد، وقد أموت بالإصابة بالالتهاب الرئوي. طفلتي: هل تريدين أن تشوِّهي سمعتي بين الناس أو أن تلقيني في العار أمام الناس؟  لو أصابك شيء أو حدث بك شيءٌ سيكون كارثة."

 أجلستني بقربها بينما غسلتْ وجهها ويديها بماء الطّسْت. وكان الشاي جاهزاً في مرجل ثلاثي القوائم موضوعٍ أمامها...  قالت ماسحة وجهها بالمنشفة: “من فضلكِ حضّري الشاي واعطيني كوبًا. وأثناء ذلك سَأغيِّر لباسي."

وشربتُ الشايَ بينما هي ارتدت لباسها.  وكلما نادتني أثناء تدليك جسمها دخلتُ غرفتها دون أن أنظر إليها، وأعود مسرعة بعد تنفيذ المطلوب. ولمّا غيّرتْ لباسَها بدأتُ أشعر بالقلق، وأنا أرشف الشاي صارفةً نظري عنها. وناديتُ أمي في نفسي في يأس شديد وقلتُ: هل أستحق هذه العقوبة على مشاجرتي مع إخوتي؟ وكانت أمي تكره دائما لَعِبِيْ مع الفتيان. هل الفتيان أُسودٌ ونمور يلتهمون ابنتها الحبيبة؟ ومن هم الفتيان؟  أشقائي وبعض أصدقاؤهم الأوباش قليلاً! وكانت تؤمن بضرورة إبقاء النساء في الغرف المقفَّلةِ بسبع قفول لكيلا يستطعن الاختلاط بالرجال. ولكن "بيغم جان" بالنسبة لي هي أكثر إرهابا من جميع البلطجيين في العالم. لو قدرتُ على الفرار منها لفررتُ، ولكن لسوء حظي، أنا مسكينة عاجزة، ولا يسعني إلا وأن أبقى هنا على رغم أنفي.

زيّنتْ نفسها بأناقة وعطَّرت جسمها بأجود العطور، ثم بدأت تغدق عليَّ بحبها. "أنا أريد الذَّهاب للبيت"، كان ذلك ردي على كل اقتراحاتِهَا. ثم بدأتُ بالبكاء. "اقتربي مني، ههنا، ههنا أنا سآخذك إلى السُّوقِ اليوم، هل هذا حسن؟" ولكنني حاولت الإفلات من قبضتها وظللتُ أصر على الذهاب للبيت، ولم تستطع لُعب الدنيا وحلوياتها أن تغريني بالبقاء هنا، كانت العودة إلى البيت مطلبي الوحيد.

"إن إخوانَكِ سيضربونكِ أيتها العفريتة" قالتْ مربتة بالدلال على خدي.  دعيهم يضربونني. ..."ظللتُ جالسةً في حالة غضبٍ واستياء، بينما علقت "ربُّو" وهي تحترق حسداً عليّ: يا "بيغم جان" المانجو الفج حامض في الطّعم. وإثر ذلك انتابت على "بيغم جان" نوبة غضب، ومزّقتِ القلادةَ الذهبيةَ التي قدمتها إليّ قبل حين إرباً إرباً، ومزّقت الخمار الشبكي من الموصلين تمزيقاً...ومفرق رأسها الذي لم أره قط إلا وهو مرتبٌ بأناقة ودقة، صار أشعث كالغابة البرية أه.. أه ... أه، أجهشت بيغم جان بالبكاء وهرولتُ إلى الخارج في خوف شديد. واستعادت "بيغم جان" وعيَها بعد جهد جهيد، ولما هممتُ للنوم تسللتُ إلى الغرفة واختلستُ النظر من النافذة، رأيتُ "ربُّو" ملتصقة بخصرها تدلك جسمها. اخلعي حذاءِكِ قالت "ربُّو" وهي تدلك أضلاع "بيغم جان"، ومثل الفأرة تسللتُ إلى لحافي.

أصوات عجيبة وغريبة- لحاف بيغم جان يتراقص مثل فيلة في ظلمة الليل. "يا الله"!، صدر من حنجرتي صوت ضعيف، وقام الفيل بداخل اللحاف ثم جلس. ظللتُ صامتة. ثم بدأ الفيل يتراقص مرة ثانية. وارتعدت فرائصي. وعزمتُ على فتح المصباح بضغط الزر عند مسند رأسي. وخيل لي أن يدين تتحركان، وأن أحدا يحاول أن يجلس القرفصاء. وصدر صوت مثل صوت التهام مخلل لذيد. الآن فهمتُ! "بيغم جان" لم تأكل شيئا طول النهار، و"ربُّو" هي الأخرى نهِمَةٌ شرسة، لابد أنها تلتهم "ترمال"، وشممتُ الهواء بنفخ منخري، فلم أجد إلا رائحة العطر والصندل والحِنَّاء. ومرة ثانية بدأ اللحاف يرتفع ويتمايل. وحاولتُ أن أبقى صامتة، ولكن اللحاف أخذ يصنع أشكالا غريبة ارعبتني تماماً. وخُيّل لي أن ضفدعاً كبيراً ينفخ بطنه محدثا ضجيجاً، وكاد أن يثب عليّ. همستُ مناجية أمي، ولكن لم يعبأ بي أحد. وخيل لي أن الضفدع بدأ ينتفخ بداخل لحافي وذهني.  وبهلع شديد مددتُ رجلي إلى جانب آخرٍ للسرير وحاولتُ أن أتلمس زر المصباح لأفتحه وفتحته. وفجأةً هبطت اليد المتحركة بداخل اللحاف. وفي هذه العملية ارتفعت زاويةُ اللحاف نحو قَدَمٍ.... يا إلهي! واندفعتُ إلى فراشي وغُصْتُ نفسي في اللحاف بأسرع ما يمكن.

 

*** * *

 


[1] ولدت عصمت تشغتائي عام 1915م وتوفيت عام1991م في مقاطعة بدايون التابعة لولاية اترابراديش في الهند الخاضعة للحكم البريطاني. وكان أبوها موظفا حكوميا، فانتقلت معه من مدينة إلى مدينة في ولاية اترابراديش، وترعرعت في هذه المدن، وتلقت في مدارسها تعليمها الابتدائي والثانوي. ثم التحقت بكلية عليكراه الإسلامية، وتلقت بها تعليمها العالي، وتأثرت بالأفكار التقدمية المستنيرة. ثم بدأت تساهم مساهمة قيمة في الأدب الأردي بإبداعاتها القصصية والروائية، وحظيت إبداعاتها بإعجاب الجمهور فيما تناولها النقاد بالدراسة والإشادة حتى طار صيتها ككاتبة قصص وروايات ومسرحيات في الهند أولا، ثم في شبة القارة الهندية بما فيها الباكستان والعالم.  ومن أبرز أعمالها في الرواية: العنيد، والخط المتعرج، وفي القصة القصيرة "اللحاف" التي هي جزء من مجموعة قصصية وغيرها. توفيت في مدينة مومباي عام 1991م حيث كانت تعمل في صناعة السنيما البوليوودية ككاتبة قصص ومنتجة أفلام: ومن أبرز الأفلام التي كتبت لها قصة: الهواء الساخنة، وقد منحتها الحكومة الهندية جائزة الدولة التقديرية "بادام شري" عام 1976، كما نالت جوائز عديدة أخرى منها: جائزة غالب لروايتها الخط المتعرج، وجائزة المعرض السنيمائي لفيلمها "الهواء الساخنة وجائزة "إقبال التقديرية"، وجائزة أكاديميةِ "غالب" وغيرها.

تعد عصمت تشغتائي أيقونة رائدة لليسار والفكر الثوري المستنير والنسوية في الأدب الأردي في شبه القارة الهندية.

 

[2] أستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة كشمير، الهند.

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal