مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

لاعبا الشطرنج

Qutoof Al-hind - ISSN: 2583-5130 - مجلة قطوف الهند، المجلد 1، العدد 3 (عدد خاص بالإبداعات الهندية المترجمة)
July 01, 2022
1132 


لاعبا الشطرنج

قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1]

ترجمة: [2]د. قمر شعبان

في عصر النواب واجد علي شاه، كانت مدينة لكناؤ (بالهند) على قمة الترف والنعمة والرغادة. الصغار والكبار، الأثرياء والفقراء كلهم بما لديهم فرحون. البعض في حفلات الرقص واللهو، والبعض الآخر مخدر بالشيشة والأفيون. وكل فئات المجتمع مقبلة على ألوان الملذات والملاهي. وهوى النفس مستحوذ على جميع الشؤون السياسية، ومحافل الشعر والغناء، وأنماط الحياة وأساليبها، والحِرَف، والمِهَن، والوظائف، والمصانع، والتجارة، والتعامل. وأما الملوك، والسلاطين فكلهم مدمنون على الخمور. والشعراء معروفون بغرام شديد بالإمتاع والمؤانسة. والمحترفون عاكفون على تطريز الأقمشة والملابس. والسيافون منغمسون في صيد الدراريج والسلاوى. والموظفون منهمكون بشراء أفضل أنواع الأكحال، والعطور والبخور والزيوت. وبالجملة، كل البلد كان فريسة بين مخالب الأطماع وشهوات البطون والفروج. وتفيض عيونهم بسكر الخمور، وأزباد كؤوسها. ماذا يجري في العالم؟ وما هي المجالات العلمية والمعرفية والصناعية التي تتقدم فيها البلاد والدول، وتزدهر؟ وكيف يزداد سؤدد الأمم الغربية على البر والبحر يوما بعد يوم؟ كلهم صم بكم عمي فهم لا يعلمون شيئا عن ذلك كله. البعض يلاعب الطير بالطير والحيوان بالحيوان، والبعض الآخر مستهلك نفسه وماله في القمار والنرد والميسر والرهان. هنا صخب الأسواق وتقلباتها، وهناك معارك ضارية للشطرنج. والأفواج متهايجون ومتقاتلون فيما بينهم. وأما جلالة النواب حاكم المدينة، فما أسوأ حاله! اللهم نعم، كان إيجاد الألحان، والإيقاعات، والأزجال، والموشحات على ذروته وغايته. وأضراب من الوسائل متوفرة لترويح النفوس، وترويض الخواطر، والنزهة، والتفرج. وأما المتسولون فيستهويهم شراء البنج والشيشة بدل الخبز والرغيف بأموال التبرع والصدقة. وأما أبناء السادة والأعيان فهم يفضلون التلمذة على المطربين لتعلم الفكاهة والظرافة والبداهة. ولقد حل الشطرنج في حياتهم محل الكيمياء بفكرة تنشيط الذكاء والتعقل والتفرس. وما زال أناس من هذا القبيل موجودين في بعض الأماكن والدور؛ وهم يبرهنون على ذلك بهذا الدليل. فإذا كان الميرزا سجاد علي والسيد مير علي يبددان أكثر أوقاتهما في النشاط العقلي فما كان لأحد أن يعترض عليهما. نعم، وللجهال حق فيما شاءوا قالوا لهما. كانت لهما إقطاعات وأراض موروثة واسعة؛ فلا يشغل بالَهما الكسب والقوت. فما أبعدهما عن الجد في ذلك! فكانا بعد تناول الفطور، في الصباح الباكر، يجلسان على بساط الشطرنج، ينثران قِطَعَه على الرقعة، شاحِذَينِ حدَّ ذكائهما، غائِبَينِ عن الوجود لحد لايدركان؛ متى زال النهار؟ ومتى اصفرت الشمس؟ ومتى غربت؟؛ ويخبرهما الخادم بأن الغداء حاضر مرة بعد أخرى، فيردَّان عليه: اذهب وابسط المائدة، سنأتي على أثرك. ولكن طعم الوجبات اللذيذة كان أتفه من نوبات الشطرنج بالنسبة إليهما. فنهائيا يحمل الطاهي الطعام إلى الديوان؛ والصديقان يُبرزان ذكاءهما موازيَينِ الأكل واللعب معا.  وأحيانا يبقى الطعام هكذا من دون أن يتناولاه، ويتعرضا له. لم يكن بدارة الميرزا سجاد علي شيخ؛ فكانت المعارك الشطرنجية تتأجج في ديوان داره. ولايعني ذلك، أن أعضاء أسرته الآخرين كانوا متراضين. كلا! بل، تندلع فيما بين الخدم والشغالات والجيران المشاجرات بين الفينة والأخرى؛ فإن الشطرنج لعب مشؤوم؛ سرعان ما يدمر البيت والحياة- لا قدر الله-، فلا يبقى الإنسان للدين ولا للدنيا، كمثل كلب الغسال، لا للدار ولا للمغسلة. إنه لمرض عضال! أما الميرزا فقد زاد الضغث على إبالة أن زوجته استشاطت غضبا، وبدأت تثير الجدال متظاهرة ضدهما حينا لآخر. ولكن قلما سنحت لها الفرصة لذلك؛ لأن المعركة الشطرنجية تشب في الصباح الباكر، وهي ما زالت مستسلمة للنوم. ويعود الميرزا إلى المضجع في الوقت المتأخر من الليل وهي لقد كانت نامت.  فكان غضبها ينزل كالصاعقة على الخدم؛ فتنهرهم ضاجرة متوعدة: هل طلب الميرزا التنبول؟ قل له أن يأتي هنا، ويأخذه بنفسه. هل رجلاه مبلطتان بالحنَّاء؟ ماذا قال؟ ليست له فرصة الأكل الآن!؟ اذهب، وارم الطعام على رأسه. أكل هو، أم أطعمه الكلاب! دعني من هذا. فمن يجلس منتظرا إياه هنا؟ ولكن العجب العجاب، أن غضبها على السيد مير كان أكثر من زوجها. كانت تلقبه بـ “العاطل المهمل المفسد المتطفل". لعل الميرزا، أيضا، كان يتهمه بكل هذه التهم تبريرا لبراءته في اللعب.

ذات يوم، شكت السيدة من الألم في رأسها، فطالبت خادمتَها أن تدعو بالميرزا زوجها، لكي يستحضر لها الطبيب أو يأتي لها بالدواء: هيا أسرعي، رأسي يتفجر صداعا. ولكن لما ذهبت إليه الخادمة قال لها: اذهبي سآتي على أثرك. ولم تكن السيدة أن تكظم غضبها؛ وهي تتألم من الصداع؛ وزوجها منشغل بالشطرنج. لقد احمر وجهها، ونادت الخادمة مرة أخرى: اذهبي وقولي له أن يأتي بالتوِّ؛ وإلا ستذهب السيدة بنفسها إلى الطبيب.! وكان الميرزا متهافتا على شوط ممتع جدا، وكاد أن يصل إلى الكش والمات هازما خصمه في الرهان. فرد الميرزا على الخادمة: هل بلغ قلبها الحنجرة؟ أم عيل صبرها؟ وهل للطبيب نفخة رقيوية تشفى لها على الفور. قال له السيد مير: "اذهب، وتأكد من حالها، فإن النسوة رقيقات القلب، قوارير، أيها الميرزا".

الميرزا:                   كلا، لن أذهب، ولاتظنَّنَّ أني ذاهب إليها هذه اللحظة، فإن المات مؤكد بعد كشين يا أيها السيد مير، إن الاستراتيجية التكتيكية التي دبرتها الآن سوف تكون كل قطعك تحت الأسر قريبا".

السيد مير:            "لا بأس أن أنهزم، ويكون الكش والمات؛ ولكن اذهب وتأكد من حالها، ولاتجرح قلبها لأمر تافه".

الميرزا:                    "وددت أن أُميت قطعك على هذا".

السيد مير:                 "لن ألعب، اذهب أولا، واسمع ماتقول".

الميرزا:                   "عجبا لأمرها! ليس بها الألم، إنها لمكيدة تكيدها لإزعاجي، ولا غير".

السيد مير:                "مهما كان الأمر، لابد من مقاسمة همومها".

الميرزا:                   "أجل، ولكن دعني أجرب نوبة أخرى".

السيد مير:                "كلا، لن أمسك بالقطع مادمت لم تتحقق من حالها".

فدخل الميرزا غرفة زوجته رغم أنفه:

زوجته متأوهة: تهوي الشطرنج لحد لا تتركه حتى لو مات أحد، هذا شطرنج أم ضرتي.

الميرزا:                   ماذا كنتُ فاعلا، فإن السيد مير لم يجعلني أترك، أتيتك بعد مشقة ولجاجة.

السيدة:                   هل يظن السيد مير أن غيره، أيضا، عاطل مهمل متطفل كمثله؛ أليس له الأهل والعائلة؟ أم قضوا عليهم جميعا.

الميرزا:                   إنه لرجل ولوع ولجوج، عندما يجبرني على اللعب، ألعب.

السيدة:                     لم لاتطرده طردا، كالكلاب.

الميرزا:                   "سبحان الله"! إنه لرجل سويٌّ في العمر، وأما المكانة فهي أكبر مني فيها بدرجتين، فيتوجب عليّ امتثال أوامره.

السيدة:                "إذن، دعني أطرده"، سوف يزعل مني، "هل هو من يكفلني، وينفق علي"، تخاطب عباسي (الخادمة): اذهبي وائتي برقعة الشطرنج، وقولي للسيد مير: إن سيدي الميرزا لن يلعب، فيمكنكم المغادرة، ولا تعودن إلى هنا أبد الآبدين.

الميرزا:                   لاتثوري غضبا، هل تريدين إهانتي، قفي يا عباسي، إلى أين تهرولين أيتها البلهاء؟

السيدة:                  لماذا لاتتركها تذهب؟ سوف يشرب دمائي من يمنعها من الذهاب. أجل، إنني من يمنعها. إذن، امنعني إن كانت لديك الجرأة. وتسارعت السيدة إلى الديوان ثائرة غضبى. وقد شحب لون الميرزا، وطار وعيه، وبدأ يعتذر إلى زوجته. بالله عليك يا زوجتي! لو تقدمت إلى السيد مير بخطوة لرأيتني ميتا. ولكن السيدة لم تذعن، ووصلت إلى باب الديوان، ولكنها بفكرة رؤية رجل أجنبي من غير المحارم دون حجاب، توقفت قدماها هناك، وأشرفت على داخل الديوان، ومن حسن الحظ لم يكن به أحد، لقد كان السيد مير غيَّرَ مكان بعض القطع على رقعة الشطرنج؛ وكان يتمشى على صحن الديوان خارج الغرفة تبريرا لما فعل بقطع الشطرنج. لقد اغتنمت السيدة الفرصة، وقلَّبت القطع ظهرا على عقب رمياً بها هنا وهناك، وأقفلت الباب من الداخل. رأى السيد مير بعض قطع الشطرنج مرمية خارج الباب، ثم سمع فرقعة الأسوار، فأدركت أن السيدة ليست على حالها من شدة الغضب، فولى مدبرا إلى منزله.

الميرزا (مخاطبا زوجته): يا لك من غاضبة!

السيدة:                إن جاء السيد مير هنا مرة أخرى، سأشرِّده تشريدا، لقد ظن أن دارنا ليست دارا بل هي المأخور. لو عكف الإنسان على عبادة الله مثل عكوفكما على الشطرنج لأصبح وليا من أوليائه. أنتما تلعبان الشطرنج؛ وأنا أتصبب عرقا في الموقد والرحى؛ ظننتَني أَمَةً، ستذهب إلى الطبيب أم ما زلت معربدا.         

خرج الميرزا، ولكنه توجه إلى السيد مير، ولم يذهب إلى الطبيب؛ وحكى عليه كل ما حدث، مستسمحا العذر بقلب متوجع. رد عليه السيد مير مبتسما: لقد كنت أدركت الخطر عندما أخبرت الخادمة بأن السيدة مصابة بالصداع، ولكن زوجتك امرأة عصبية عنيفة. فويل لهذا التمكين! لقد أطلقتَ عنانَها؛ فاعتلت رأسك؛ ولا ينبغي لها التدخل في أمور الرجال؛ ما لها ولما تفعل وأنت في الخارج! عليها التركيز على شؤون المنزل الداخلية ولا غير.  في بيتي لايجترئ أحد أن ينبس بنت شفة عن أمور الرجال.

الميرزا:                   على كل، أخبرني بمكان نجتمع فيه للشطرنج.

السيد مير:              لاداعي للقلق، نلعب هنا بديوان منزلي، فإنه رحب فسيح.

الميرزا:                   ولكن كيف أراود زوجتي، حينما كنت ألعب في منزلي كانت تثور سخطا علي، وعندما أغادر المنزل ربما ستقتلني.

السيد مير:               دعها تثرثر، وتهذ، ولسوف يستقيم اعوجاجها في أيام، ولكن عليك، أيضا، أن تتقوى برجولتك.

وفي جهة أخرى، كانت زوجة السيد مير تحب دائما أن يكون زوجها خارج المنزل لسبب ما؛ فإنها لم تكن تشكو انشغال زوجها في الترفيه والتفرج؛ بل كانت تحفزه على الخروج إذا تأخر أو تكاسل؛ فكان السيد مير مطمئنا على زوجته أنها ذات خلق وسماحة ومرونة. ولكن عندما شرعا في لعب الشطرنج في ديوانه، وتدخلا في حرية السيدة بحضورهما الدائم في المنزل، أخذت تنزعج، وتواجه المشكلة في تجدد الهواء، والتنزه في باحة الديوان، فجعلت تدبر الحيل للقضاء على هذه البلية.

وكذلك، بدأ الخدام، أيضا، ينزعجون، ويتهامسون فيما بينهم؛ فإنهم كانوا يستريحون طوال النهار غير مكترثين للوارد والذاهب، كان عليهم شراء الحاجيات المنزلية مرة أو مرتين على الأكثر. ولكن بعدما بسطت رقعة الشطرنج في الديوان، صاروا تحت إمرة السيد، مضغوطين بضغوط العمل والتسلط؛ فحينا يأمر السيد بتحضير التنبول؛ وأحيانا بإحضار الماء، وشراء الثلوج، وإعداد التُنباك والتدخين. وأما النارجيلة فتظل متدافئة بشكل دائم، كقلب الهائم المتحرق. وكلهم كانوا يشكون من تأزمهم من أجل الشطرنج إلى السيدة زوجة السيد مير: "لقد تتورم الأرجل لتكبد العمل على مدار الساعات، يا له من لعب! يتهافتان عليه صباحا، وظلا حتى غابت الشمس. ولا جناح أن يلعب الإنسان ساعة أو ساعتين؛ ولكن أَشوِم بهذا اللعب! يا أيتها السيدة، فإن كل من أغرم به توقفت عجلة سير تقدمه ورقيه للأبد. ومن المؤكد أن تنزل على أهل الدار نازلة من السماء، لقد شهد التاريخ أن الأحياء والحارات بأكملها حطمت ودمرت واحدة تلو الأخرى. وإن سكان حارتنا يستهدفوننا ويعيبوننا دائما، ويندى للشطرنج جبيننا غيرة وعارا". والسيدة نفسها تقول: " لا يعجبني هذا اللعب إطلاقاً، ولكن ما الحيلة؟". وكان في حارتهم من الأشياخ الذين أخذوا يظنون بهم الظنون: "ما أسوأ أصحاب الثروة! –حفظ الله بلادنا- سوف لايبقى لهذه الملوكية أثر بعد عين من أجل الشطرنج، فإنه عادة سيئة".

كانت البلاد كلها تتأجج بالفوضى والاضطراب، ليس لدى المواطنين المنهوبين من يستغيثونه، تستورد ثروة الأرياف وحصادها إلى مدينة لكناؤ، وتستهلك في ترفيه المترفين وتمتيعهم. لقد كان الرقص، والغناء، والسمر، والمحاكاة، والتضحيك، والسخرية، والشعوذة متغلغلة في أحشاء المجتمع. وتبذل اللآلي والدرر على بائعات البنج والشيشة العاهرات الداعرات؛ وكان الأمراء ينثرون اللآلي لؤلؤة لؤلؤة للاستمتاع بتدخين النارجيلة المشتعلة من أيديهن. وعلى هذه الحياة الباذخة المترفة كانت تتفاقم عليهم ديون الشركة الإنكليزية التي لايخطر ببال أحد تسديدها؛ وزاد الطين بلة أن عجزوا عن دفع المكوس رغم تراكم رسائل التذكير من قبل الشركة الإنكليزية؛ كانت الشركة تتوعدهم على ذلك يوما بعد يوم؛ وأما هؤلاء فكانوا في سباتهم العميق مخمورين.

على كل، لقد مرت شهور على لعب الشطرنج في ديوان السيد مير، يخططان الخرائط؛ ويُشيِّدان الحصون والقلاع، ويهدِّمانها. وأحيانا يتجادلان بالمشادة الكلامية؛ ولكنهما سرعان ما يتصالحان. وأحيانا يترك الميرزا اللعب زعلا؛ فيطوي السيد مير بساط الرقعة مقسما بالله أنه لن يقرب الشطرنج بعد الآن. ولكنهما يصبحان البكرةَ، وهما أمام رقعة الشطرنج؛ فإن النوم يُنسِي الهموم والبغضاء.

ذات يوم، كانا يغطان في الشطرنج، إذا بالباب قارع مسلح يلبس زي الشرطي، ويمتطي جواده، توارد من مكتب الشركة، مستدعيا السيد مير، لقد ذعر به السيد، وترك الشطرنج مبهوتا: الله أعلم ماوراءه، لقد غُلِّقت الأبواب، وقال للخدم أن يخبروه بأن السيد مير ليس موجودا في البيت. قال الراكب: إن لم يوجد في البيت، فأين هو الآن؟ أكلته الأرض أم طارت به السماء؟

الخادم:                 لا أدري، أين هو الآن؟ قالوا لي من الداخل، أن السيد مير ليس في البيت. ما وراءك؟

الراكب:              كيف أخبرك بالأمر؟ لقد طلبه الرئيس، ربما به حاجة إلى جنود للمعسكر؛ فإن السيد مير عقاري كبير من دون شك.

الخادم:                 اذهب الآن، سوف أخبره بالخبر.

الراكب:              ليس الأمر بهين؛ إنني سآت غدا من جديد، وأفتشه، ثم أسوقه إلى الرئيس.

لقد غادر الراكب، ولكن اقشعرت منه جلود السيد مير، واشمأزت نفسه؛ فقال للميرزا مذعورا: ماذا سيحدث؟    

الميرزا:                   إنها لكارثة عظيمة، ربما يطلبونني أيضا.

السيد مير:                سوف يأتي اللئيم غدا مرة أخرى.

الميرزا:                   هذا غضب إلهي؛ لو طالبوا منا الجنود لمتنا من دون موت، تصيبني الحمى باسم الحرب.

السيد مير:                يبدو أنه لقد حُرِّم علينا الأكل والشرب منذ اليوم.

الميرزا:                   الأفضل ألا نلاقيه، ونختفي في مكان، سوف يتسكع طول المدينة بحثا عنا؛ منذ الغد سوف نبسط رقعة الشطرنج وسط الأطلال وراء نهر كومتي؛ سنرى من يعثر علينا هناك؟ وسوف يعود الراكب، بالغد، خائبا من هنا.

السيد مير:                   يا لها من حيلة دبرتها أنت! تالله لننأى عن الدار إلى خرابات وراء نهر كومتي منذ الغد.

وعلى جانب، كانت السيدة زوجة السيد مير تمتدح الراكب: يا لك من مشعوذ ضليع أيها الرجل!

الراكب:              أحرِّك الحمقى أمثالهم بالأنامل؛ لقد أفسد الشطرنج ما بهما من عقل وجسارة؛ فما أبعدهما الآن من البيت! سوف يغتديان باكرا ويروحان إلى البيت عند العشاء.

ومنذ ذلك اليوم، طفق كلاهما يغادران المنزل قبل طلوع الشمس متأبطين حصيرا صغيرا مع علبة مليئة بالتنبول، ويفرشان الحصير في ساحة مسجد قديم مهدم، ربما من العصر المغولي وراء نهر كومتي. يشتريان في الطريق التنباك، وزجاجة خمر، ويشعلان النارجيلة ثم يتهافتان على رقعة الشطرنج في غيبوبة عن الوجود، مغفلين عن دينهما ودنياهما؛ ولاتتحرك شفاههما إلا بكلمات "كش ومات" و "الشوط الثاني، والثالث"، "هذه نوبتي وتلك نوبتك" وهلم جرا. ولم يكن يغوص الناسك والراهب المتحنثان في تعبدهما ومناجانها مثل غوصهما في الشطرنج. وعندما يشتد جوعهما يمران بطرق الأزقة إلى الخبازين، ويأخذان ما تيسر لهما هناك؛ ثم يخوضان في خضم الشطرنج بعد تدخين النارجيلة والشيشة. وأحيانا ينسيهما الشطرنج الجوع والعطش.

وفي جهة أخرى، كانت التوترات السياسية تتصاعد يوما بعد، وكاد أن يقتحم الجيش الإنكليزي مدينة لكناؤ؛ وكانت المدينة تتأجج بالشغب والغوغاء؛ والناس يهربون منها إلى القرى والأرياف مع أطفالهم وزوجاتهم، وأما هذان الرفيقان اللاعبان الشطرنج فكانا كأن لم يكن لهما عهد بكل هذه الضجة والفوضى. وعندما يخرجان من المنزل يمران بالأزقة الملتوية الضيقة المعتمة حيث لا تدركهما الأبصار. وفي هذه الآونة الحرجة لقد اقتربت القوات الإنكليزية إلى لكناؤ.

مرة، كانا منغمسين في رقعة الشطرنج، وكانت قِطَعُ السيد مير تواجه العقبات، بل كادت أن تموت وتنهار، وكان الميرزا يسابقه ويصارعه مرة بعد أخرى، وإذا بالشارع القريب منهما يدمدم الجيش الإنكليزي؛ فإن الشركة كانت عازمة على اعتلاء عرش لكناؤ، ومستعدة للسيطرة الكاملة عليها تبريرا وتعويضا للديون عليها؛ فتآمرت ضدها التآمر الرأسمالي نفسه، الذي باتت الأمم المستضعفة اليوم فريسةً له.

السيد مير:                  هاهو ذا جيش الإنكليز قادمون.

الميرزا:                   دعهم يقدموا، تأكد من نوبتك؛ نوبة الشطرنج!

السيد مير:                ينبغي أن نراهم قليلا، لننظر من وراء الستار؛ ما أفخم هياكل الجنود! ترتجف لرؤيتهم القلوب.

الميرزا:                   سنراهم قريبا، لاتستعجل.

السيد مير:              ومعهم الدبابات، أيضا، وهم ليسوا أقل من خمسة آلاف؛ حمر الوجوه؛ كأنهم القردة الحمراء.

الميرزا:                   سيدي، لا تلتمس الحيلة، ها هي ذي النوبة.

السيد مير:              يا لك من رجل عجيب! لنرى، لو حوصرت المدينة لما وجدنا السبيل إلى البيت.

الميرزا:                   عندما يحين حينه سوف نرى، هذا هو الكش والمات.

لقد مر الجيش، ثم خاضا شوطا آخر.  سأل الميرزا: كيف نتغدى اليوم؟

السيد مير:                اليوم صوم، هل بك جوع شديد؟

الميرزا:                   لا ندري ماذا يجري بالمدينة؟

السيد مير:               ليس بالمدينة شيء، ربما الناس في استراحة القيلولة بعد الغداء. ولربما جلالة النواب أيضا مرتاح البال، أم، لعله يعاقر كؤوس البيرة، والويسكي، والفودكا.

ثم بسطا الشطرنج لشوط جديد في الساعة الثالثة بعد الظهر، وكانت نوبة الميرزا في هذا الشوط نوعا ما مستكينة ضعيفة، فإنهما أحسا من جديد بدبيب الجيش خلال ذلك، ولقد تمت إزاحة النواب واجد علي شاه عن العرش؛ والجيش على طريقهم لاعتقاله. كانت المدينة على بكرة أبيها هادئة مطمئنة في صمت مدهش، لا جمهرة المتظاهرين، ولا تناحر المتشاجرين، حتى لم يبرز شجاع لكي يُسيل قطرة دم دفاعاً عن النواب. ودَّع النواب قصره وداعَ العروس بيتها وأهلها باكية صارخة لتصير في بيت حماتها. لقد بكت الزوجات والربائب، وانتحبت الإماء والجواري، وناحت الشغالات والخوادم، وأعول الأمراء، وندبت الكنائن، واندحرت السلطنة، وسقط حكم النواب، وتم عزله بطريقة هادئة ومسالمة لم يتم عزل ملك من ملوك الدنيا في التارخ مثل هذا العزل المهين قط. لم يكن ذلك من قبيل اللاعنف الذي يسعد به المَلاك؛ بل ذلك هو الجبن والخؤور والاستكانة والتثبط ما ترثي له الملائكة، ويؤبنه الدهر. كان حاكم لكناؤ، يسوقه الجيش الإنكليزي أسيرا مغلولا مدحورا، ولكناؤ بأسرها كانت نائمة نومة العروس! هذا هو منتهى الانحلال السياسي.

الميرزا:                   لقد قبض الطغاة على جلالة النواب.

السيد مير:               يمكن، ولكن أأنت القاضي؟ ها هي ذي إليك قطعة الملك.

الميرزا:               مهلا سيدي مهلا، لا أشتهي النوبة الآن، لعل جلالة النواب يبكي دماً، لقد أفل نجم

لكناؤ اليوم.

السيد مير:          عليه أن يبكي دماً، فأين النعمة في سجون الأفرنج! ها هوذا إليك الملك.

الميرزا:            إن الأيام دِوال وسِجال فيمابين البشر، "تجري الرياح بما لاتشتهي السفن"، ما أشد هذه النازلة!.

السيد مير:         أجل، هذه كارثة. وإليك هذا الكش؛ ثم المات بعد الكش الآخر، ولن تستطيع الذود عنه.

الميرزا:            ما أقساك أنت! بالله أنت لاتتألم لهذه الفاجعة العظيمة، ولم يبق بعد جلالة النواب من يقدر الكفاءات، والبراعات، لقد دُمِّرت لكناؤ.

السيد مير:        دافع عن ملكك أولا، ثم ابك على جلالة النواب. هذا هو الكش والمات، وانتهى.

لقد مر الجيش معتقلا جلالة النواب أمام أعينهما. ثم بسط السيد مير الرقعة لشوط جديد، فإن طعم الهزيمة مُرٌّ للغاية، فنطق السيد مير: تعال ننظم قصيدة رثاء على هذه المهانة التي ذاق جلالة النواب عذاباتها؛ ولكن أثر وفاء الميرزا، وولائه للنواب ذهب هباء منثورا مع خسرانه شوط الشرنج، وعيل صبره لانتقام هذه الهزيمة النكراء.

لقد غابت الشمس، وطفق وطواط الخفافيش يعلو ويترنن بين أطلال المسجد، وأخذت الأبابيل تسبح باسم الله داخل أعشاشها، ولكن هذين اللاعبَين ظلا صامدين أمام جبهة الشطرنج؛ كأنهما بطلان شهمان استعدا للاستماتة في ساحة حرب الشطرنج. لقد كان الميرزا خسر الرهان في ثلاثة أشواط متتالية، ولم يبق له أمل للسبق في الشوط الرابع أيضا، رغم محاولاته المستمرة؛ يبذل قصارى جهده، ويثبت قدراته على اللعب بكل وعي وحذر؛ ولكن استراتيجيته التكتيكية تذهب سدى في كل نوبة. وعلى جانب آخر، السيد مير يغني ويرقص ويهزل ويسخر من خصمه ويهجوه مبتهجا مسرورا متغطرسا؛ كأنه عثر على كنز دفين عظيم. ومافتي الميرزا مشمئز لكل هذه التفاؤلات، ويقول للسيد مير مكفهرا مرة لأخرى: لا تغير القطعة من مكانها؛ ما بك تضع قطعة ثم تغير مكانها بالتو؛ فما الذي تريد فعله افعل مرة بتدبر وتفرس. لماذا تظل ممسكا بالقطعة سيدي؟ دعها بمكانها؛ ولاتمسك بها إلا وقد عزمت على تحريكها؛ ولم تلعب نوبة واحدة لمدة نصف ساعة فصاعدا؛ ولا كفاءة للشطرنج لمن لايقدر على تدبير حيلة في أقل من خمس دقائق، فإنه الخاسر للرهان؛ لقد غيرت القطعة مرة ثانية، من فضلك دعها في مكانها.

ولما كان وزير السيد مير على وشك الموت، قال: متى لعبت نوبتي؟

الميرزا:                   لقد انتهت نوبتك؛ الأفضل أن تترك القطعة في مكانها.

السيد مير:                لماذا أتركها في مكانها، وإنني لم أمسك بها.

الميرزا:                   ألا تنتهي نوبتك إن كنت لاتمسك بالقطعة إلى يوم القيامة؟ رأيتَ وزيرك يموت فبدأت تخادع.

السيد مير:               أنت من تخادع؛ فإن التفوق والخسارة في الرهان بيد الأقدار، ولن يتسنى لأحد السبق بالخداع.

الميرزا:                   لقد خسرت أنت الرهان في هذا الشوط.

السيد مير:               لم تمت قطعي كلها بعدُ.

الميرزا:                   إذن، ضع القطعة في المكان الذي كنت وضعتَها قبلُ.

السيد مير:                 لم أضعها بها، ولن أضع أبداً.

الميرزا:                   عليك أن تضع.

السيد مير:                 كلا!

الميرزا:                   سوف تضعها ملائكتك، شو أنت؟

لقد ثارت ثائرتهما؛ كان كلاهما على قمة العنجهية والخيلاء؛ فما لهما وللمرونة! وإن الجدال يأتي بما لايعني؛ هذا يشتم، وذاك يسب، هذا يُذِلُّ وذاك يعيب؛ فلا يستهدف فيه المختصم إلا الزراية، والتحقير والطعن والاستهجان.

الميرزا:                  لو كنتَ انحدرت من أسرة لاعبة الشطرنج لكنت خبيرا بقواعده؛ إنهم كانوا رعاةً يقتلعون الحشائش، فكيف لك أن تلعب الشطرنج؟ إن الثروة شيء مختلف؛ لن يصبح أحد صاحب ثروة بالإقطاعات الحاصلة بالتبرع.

السيد مير:              لعل أباك هو الذي كان يقتلع الحشائش؛ لقد ورثنا الشطرنج أبا عن جد منذ زمن عريق في القدم.

الميرزا:                  هيهات هيهات لما تدعي؛ لقد قضوا نحبهم طهاةًً في مطبخ النواب غازي الدين، فنالوا الإقطاع تعويضا عن الخدمة؛ وأنت تصير اليوم إقطاعيا؛ إن الإقطاعية ليست بعشق وهيام.

السيد مير:             أنت وصمة عار على جبين آبائك؛ الذين كانوا طهاةً مرتزقين. فإن آباءنا كانوا يجالسون النواب على موائده، ندماء ورفاقا له.

الميرزا:                  يا للوقاحة! إن لم تستحي فافعل ما شئت.

السيد مير:          لا تثرثر، وإلا لأسيئن إليك؛ لست ممن يتصبر على شراستك، فإنني أنا المنتقم اللدود.

الميرزا:             هل تريد مواجهة غيرتي وجراءتي؛ إذن أعدد عدتك، ولنقتتل، إما النصر أم الهزيمة؟

السيد مير:             هيا، فمن يخضع لك؟

وتغمد الرفيقان كلاهما سيفَيهما، ففي تلك الأيام، كل من الصغار والكبار، والفقراء والمترفهين يحملون معهم الخناجر، والطبانج، والشفرات، والسيوف، وكان كلاهما من المترفين المبذرين، وعلى ذروة الغيرة والإباء، ولكنهما يفقدان الشهامة من أجل الوطن؛ وأما الأنانية فكانت تجري في عروقهما مجرى الدم. لقد ماتت فيهما العواطف السياسية، فلم يضحيا بشيء للملك، والسلطنة، والملة؛ ولكن غشيت عليهما العواطف الشخصية. بل، صارا وطنيين؛ فتآمرا، وتكابدا، وتسايفا، لقد قعقعت السيوف، وخرا صعقَين على الأرض، ضحايا معركة الشطرنج، وفارقا الحياة متململين مضطربين؛ وهما من الذين لم يذرفوا قط دمعةً من أجل الملك والوطن، ولقيا حتفهما في وزير للشطرنج.

لقد ساد الظلام، وباتت الرقعة مبسوطة على الحصير، وكان ملكا الشطرنج جاثمين على عرش الشطرنج متحسرين لقد تزحزح كيانهما، كأنهما يُعزِّيان موت هذين القتيلين؛ والدنيا كلها في صمت مخيف. وأما الجدران المستورة في خبايا الأطلال، والأطناف القديمة المتدحرجة، والمنائر المنحنية نحو الأرض فكلها كانت تحدق النظر إلى هاتين الجثتين، متأسفة على الحياة البشرية الفانية، التي ليس لها ثبات حتى كمثل ثبات الحجر والوبر.

**********

[1]منشي بريم تشند (1880-1936) ولد بريم تشند في منطقة لاماهي بالقرب من فاراناسي. توفي والداه في سن مبكرة من حياته حيث كان طالباً في المدرسة. بدأ بالكتابة باللغة الأردية تحت اسم «نواب راي». ثم تحول إلى الكتابة بالهندي، كتب ما يفوق الثلاثمائة قصة، بالإضافة إلى عدد من الروايات ومسرحيتين. من أبرز ما ميز بريم تشند أسلوبه المميز في سرد القصة، واستخدام الألفاظ واللغة المبسطة. تصف الكثير من رواياته مشاكل طبقة العمال والفلاحين بأسلوب واقعي، استخدم  اللغة الهندستانية ، ترجمت العديد من أعماله إلى الإنجليزية  وعدد من اللغات العالمية، بعد بريم تشند زعيم وعملاق الأدب الهندي والأردو، ومازال القامة الكبرى في الآداب الهندية ولا سيما في الأدب الهندي والأردو، وتعد روايته "غودان" (هدية البقرة) من روائع الأدب العالمي.

[2] أستاذ مساعد، قسم اللغة العربية، كلية الآداب، جامعة بنارس الهندوسية، فاراناسي، الهند

Email: q.shaban82@gmail.com

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal