مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

عذاب الضمير

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 18, 2022
1838 


عذاب الضمير

قصة قصيرة
مجيب الرحمن/ الهند

بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب حظر التجوال، في منطقة آر كيه بورام جنوب دلهي، حين عبرت سيارة بسرعة ثمانين كيلومتراً في الساعة من شارع ويويكاناندا، الواقع في هذه المدينة الهادئة بسبب الحجر الصحي الكلي المفروض من قبل الحكومة، وذلك في شهر يوليو من العام ألفين وعشرين، قائد السيارة هو أستاذ جامعي شاب الدكتور "ويويك كومار"، يدرّس علم الاقتصاد في إحدى جامعات دلهي الشهيرة، والذي كان على عجل من أمره، ينحدر ويويك من مدينة ميرت في غرب ولاية أوترا براديش، من أسرة ثرية، لأب من رجال الأعمال الناجحين.

فجأة، استوقفته الإشارة الحمراء، عند تقاطع الطريق الكائن أمام سوق آركيه بورام بالقطاع الأول، في هذا الشارع بالذات يكون فيه الضوء الأحمر مستمرا لمدة ثمانين ثانية، وبينما هذا الأستاذ الجامعي الشاب غارق في أفكاره، ويستمع إلى أغاني كيشور كومار من مذياع التشغيل السمعي للسيارة، إذ لاحظ  طفلا وسخاً يبلغ حوالي عشر سنوات، يطرق زجاج نافذته اليمنى يطلب منه الصدقة من النقود أو الأكل ويقول: سيدي لم آكل منذ يومٍ، أعطني نقودا لأتناول الطعام، ورأى عددا من الصبيان والفتيات وحتى المسنات والمخصيات يتسولن هناك، بطرق زجاجات السيارات التي تتوقف عند التقاطع.

لقد بدت أمارات الجوع جلية على وجوه هؤلاء المتسولين البؤساء، وفحص ويويك محفظته ليعطيهم بعض النقود، للأسف، لم يجد في جيبه إلا بعض أوراق النقود من فئتَي خمس مائة وألفَي روبية، وبينما هو في حيص بيص من أمره، لاحت الإشارة الخضراء، فغير ترس السيارة من N إلى الأمامي 1، وكاد أن يُحرك السيارة فإذا به يرى الطفل يسرع إلى أمام السيارة، واستلقى أمامها وقال بصوت سمعه كل الحاضرين :"سيدي أطعمني أو أدهسني بسيارتك، لا أستطيع أن أتحمل مزيدا من الجوع"، هنا تملّك ويويك غضبٌ شديدُ، وأبواق السيارات المتعالية أصواتها من ورائه تزيد من حنقه وارتباكه، والطفل هو الآخر باق على حاله، لا يتحرك من مكانه، ونزل ويويك من سيارته غاضباً وأمسكه بقوة ودفعه جانباً وصاح عليه عالياً، دون أن يعبأ ببكاء الطفل من شدة جوعه، وعاد إلى المقود، ومضى بأقصى سرعته في هذا الشارع شبه الخالي من المركبات.

الحقيقة أن الدكتور ويويك كومار، محاضر ألمعي في علم الاقتصاد في أشهر جامعة هندية في نيو دلهي، تربّى في أحضان الترف والنعيم في مدينة "ميرت" القريبة من نيو دلهي، ثم انتقل إلى نيو دلهي ليكمل شهادة الماجستير ثم الدكتوراه في نفس الجامعة، بعدها عين محاضرا في القسم وأصبح واحداًً من الأساتذة الشباب اللامعين، ومقبولا جدا بين الطلبة والطالبات، وكان معتادا على حياة البذخ والترف، بحكم نشأته في ظل الترف والنعيم، ولكونه مازال أعزب يعيش مع زميل له في حرم الجامعة، هو الأخر غير متزوج.

بعد ساعتين من حادثة الطفل المتسول، عاد ويويك إلى منزله، فوجد صديقه د. ماهيندار يلقي محاضرة عبر الانترنت، في ندوة افتراضية عن معاناة وشقاء أطفال الشوارع في دلهي، زمن الإغلاق الكبير هذا بسبب عدم توافر ما يسد رمقهم، وهذا في الوقت الذي هاجر العمال من نيو دلهي وأوترا براديش إلى بيهار وأماكن أخرى، التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة في الهند وخارجها.

كان الدكتور ماهيندار يشتغل على إعداد تقرير لما يواجهه أطفال الشوارع في دلهي من مشكلات خطيرة، زمن الحجر الصحي العام، فكان على دراية بها، ويعرض ما عنده من إحصائيات على شكل "باور بوائنت". الأرقام مفزعة، وشد الدكتور ويويك ما ذكره زميله من هول المصائب والمشكلات، التي تواجه أطفال الشوارع في نيو دلهي، في زمن الوباء والإغلاق، وقد بلغ عددهم حسب إحصائيات حكومة دلهي، سبعين ألف طفل مشرد يقتات معظمهم بالتسول على الطرقات والإشارات الحمراء.

ليس الأمر أن الدكتور لم يكن على دراية بهذه الحقائق، وكيف لا، وهو خبير بعلم الاقتصاد، وأستاذ ألمعي له، ولكنه ربما لم يعر ذلك اهتماما كافيا، فقد كان مجال تخصصه الأكاديمي هو دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في خلق فرص العمل وجلب الرخاء الاقتصادي، ورغم أنه كان اسما على مسمى، فـاسم "ويويك" باللغة السنسكريتية يعني "الضمير"، كان حقا صاحب ضمير، كان يساعد الفقراء من الطلبة والطالبات أحيانا من ماله الخاص، بالرغم من أنه لم يتخل عن نمط حياته المرفهة، التي حظي بها منذ نعومة أظفاره، ولم ير عيبا في شراء ملابسه وحاجاته من الماركات الفاخرة، فهذا من ماله الحلال، وله الحق في صرف أمواله كيفما شاء، على عكس صديقه ماهيندار الذي رأى أن من واجب الأثرياء وميسوري الحال كفالة المعوزين قدر الإمكان، وخصوصاً زمن الوباء ونقص التموينات الغذائية لدى الفقراء والمعوزين، وإذا سمعوا نداء ضميرهم فلن يوجد هناك فقير، ولن يبق من يموت جوعاً.

استمع ويويك إلى محاضرة زميله بعناية جالسا بقربه، وبدأت حادثة اليوم تتردد على شاشة ذهنه، وأحس بوخز شديد في قلبه، كان ذلك ضميره الذي بدأ يؤنبه، وأحس أنه اسم على غير مسمى، واستحضر وجه الطفل المستلقي أمام سيارته، يا إلهي!!! هل هو إنسانُ، وأي نوع من الناس هو، طفل وسيم، لا يدري اسمه، ثيابه متسخة، بجسم هزيل منهك من شدة الجوع، كيف غضب منه، وصاح عليه، ودفعه بقوة؟، ولماذا كان يبحث عن الصرف ليعطيه إياه، ولِمَ لم يعطه ورقة نقدية من فئة خمس مائة أو ألفين...عندها ...سال فيض من الدموع من عينيه...وبهت المحاضر ماهنيدار وأوقف محاضرته، لما رأى صديقه يبكي، فلم ير صديقه يبكي من قبل.

  • قال له: ماذا أصابك يا غالي ويويك، ولماذا تبكي؟
  • سكت ويويك ولم يقل شيئا، ودموعه لا تتوقف
  • قل لي صديقي ما أصابك، ولا تخفني أكثر...

على تمهل حكى ويويك القصة بكاملها، وماذا يحس به الآن من تأنيب شديد لضميره...ماذا لو فعل الطفل نفس الشيء مع شخص آخر، ودهسته السيارة...ألا يكون هو المسؤول؟ فالجوع يجعلك ترتكب إثما ويجعلك تقتل نفسك وتقتل غيرك، وللجوع قصص مروعة، سمعها وقرأها هو الآخر زمن الوباء.

أضاف ماهيندار: "العائد إلى البيت مساءا بعد أن نسي بيته لا يطلق عليه ناسي"، هذا ما يقول المثل الهندي، أنا سعيد جدا صديقي على هذا التحول الكبير في نفسك، وإن شاء الله سوف ننفذ مشروعاً لإنقاذ أطفال الشوارع، أبشر يا صديقي!

في هذه الأثناء، تملكت ويويك حالة جنونية، وأخذ كل ما عنده من النقود وقاد سيارته بأقصى سرعتها إلى حيث وقع الحادث، عله يجد الطفل في مكانه، فيحتضنه، ويطعمه أشهى الأطعمة، ويعطيه كل ما عنده من نقود، وأحس بسعادة غامرة تفوق كل سعادة، يا إلهي! ما هذه السعادة، سعادة لم يذق حلاوة مثلها من قبل، وتمنى ويويك أن يطير إلى ذلك التقاطع، وبالفعل وصل إليه في ربع ساعة، ولكن لم ير الطفل هناك بين الأطفال الآخرين، فخفق قلبه، وتوجه إلى تقاطع آخر، فلاح له عن بعد جمع من الناس يلتفون حول شيء، وما إن وصل وأوقف السيارة ليرى ماذا حدث، خفق قلبه بشدة لما رأى ذلك الطفل ملطخاً بالدم...وقال أحدهم: لعن الله هؤلاء الأثرياء مالكي السيارات الكبيرة.... دهسته سيارة وأنهت جوعه للأبد.

في اليوم التالي، نشر خبر في الصفحة الأولى لمعظم الجرائد اليومية في نيو دلهي: وجدت جثة المحاضر الألمعي في علم الاقتصاد الدكتور ويويك كومار معلقة على المروحية في غرفته، وقد ترك رسالة خطية ذكر فيها أنه مسؤول عن موت الطفل الذي دهسته السيارة البارحة...وضميره لا يسمح له بأن يبقى حيا في معشر الذئاب، حيث مئات الألوف يموتون جوعاً وحفنة من الناس تزداد ثراء فاحشاً، حتى في زمن الوباء والإغلاق الكبير!

 

 

 

 

 

Ziaul Haque February 12, 2022

ماشاءالله،مقال جميل، يعرض البؤس والفقر المتواجد في الهند، وهذا ايضا يثير الانسان لا قلما يهتم بازالة الفقر ومحوه في الهند ويحرض الناس جمعاء بان السعادة الحقيقة يمكن حصولها باقل انفاق المال علي ذوي الحاجة كما حصل كما حصل ويويك، والله جمل سلسةوفكرة نيرة وكلام يمس القلب، واطال الله يا استاذي الغالي

reply


M. Rahman February 7, 2022

تصوير جميل للواقع ومعاناة كثير من الفقراء والبائسين الذين يعيشون في الشوارع... إبداع من أجل خدمة المجتمع. زادكم الله بسطة في العلم وقوة في القلم

reply


Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal