رجل شقي
محمد حُمَيْس الهاشمي
الهند
------------------
هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه بما فيها زوجته الصالحة وأولاده الطيبون، فثبت شقيا، و في آخر حياته عاش وحيدا منعزلا، تعيسا وبائسا، بل أهلك نفسه بسبب شقاوته، وتدل حكاية الرجل على الحقيقة المرة للمجتمع أن الزوجة والأولاد على رغم المظالم والاعتداء السافر الواقع عليهم يعاملونه معامة حسنة، ولكن الزوجة على رغم اعتدائه وسلبه لحقول الأهل تصبر على هذه الحقيقة المرة للمجتمع و تعيش معه طول الحياة إلى أن طفح الكيل وازداد الطين بلة.
كان هناك رجل في قرية راجبا بالهند، كان اسمه أبوالفضل، إنه كان رجلا سيئا عاصيا، كان يشرب الخمر، ويزني، وكان سئ الأخلاق، وكان يشتم أسرته و الناس و يسلك معهم بأسوأ السلوك.
مع كل هذا أنعم الله تعالى عليه نعما كثيرة في كل خطوة، ولكن ثبت شقيا و أهلك نفسه بسبب شقاوته.
فمن أول النعم التي نزلت عليه هو التعليم، أتاحه الله الفرصة للتعليم العالي و حصل عليه، ثم فاز بالحصول على الوظيفة الحكومية التي هي شيء كبير، لكن عصى و أسقط نفسه في الآثام، ولكن الرب مهله، و لم يحاسبه فجأة.
من النعم الكبرى التي وهبت هي زوجة صالحة مصلية جميلة طيبة الأخلاق التي أطاعته طول الحياة، ولم يكرمها، بل فعل به ما يفعل وحشي بإمرأة أي ضريها و شتمها وظلمها واعتدى عليها، ولكنها صبرت حتى تجنبت عن عادة شرب الخمر وعلاقاته غير الشرعية مع النساء.
مع ذلك كانت مطيعة له تماما، حتى صار من الأثرياء ببركاتها و صلاحها، لأنه تغيرت أحواله بعد ما دخلت حياته، و أصبح صاحب الشركات الكثيرة حتى ذاع صيته في مدينته بالغنى و العزة و لكنه لم يشكر على النعم ولم يحترم بل ازداد عصيانا، و تصرف مع زوجته كوحشي ولم ينفق عليه بل أنفق على النساء الغريبات.
وللتنبيه على أخطاءه أوقع الله تعالى عليه ضربة خفيفة لكي يحاسب نفسه ويتوب عن ذنوبه ومعاصيه، فحرمه الله تعالى عن عمله، وأغلق جميع شركاته، وأخذ ماله، ورُفعت قضية ضده، وفرّ عن قبضة الشرطة وتدخلت زوجته في هذا الأمر حتى نال الإفراج عن الحبس ورجع، ولكن لم يمتنع عن الآثام، ومازال يفعل ما كان يفعل أكثر مما قبل.
سترى أيها القارئ نتيجة هذا العصيان، وشقاوته في حياته، وبسبب البركات و الخير ظن أنه من العباد الصالحين، ولكن الواقع أنه كان من المتكبرين، بل أمهله الله تعالى ولم يبطشه بسسب صلاح زوجته.
أنعم الله عليه نعمة أخرى وهي إكثار الأولاد بما في ذلك ثلاثة أبناء وبنتين، وكلهم يتمتعون بالصحة والجمال والفهم والعقل والصلاح، و كانوا يمتلكون شخصيات جيدة، وكان هذا من النعم الكبرى له، لكنه لم يشكر بل تكبر و ازداد عصيانا وإثما.
مرة أخرى ضرب الله تعالى عليه ضربة أشد من الأولى، في هذه المرة أوقفه عن وظيفته الحكومية بسبب إمرأة أسكنها على ممتلك حكومي، و كان يزني بها، فاوقفته الحكومة عن العمل لمدة اثني عشر عاما، ومنعت الحكومة دخله لهذه المدة، وحتى في هذه الحالة عاشت زوجته معه بالفرح والسرور، وسلك مع زوجته و أولاده أحسن مما كان سابقا، وقلل من آثامه و لكن لم يتركها كليا.
ومضت هذه المدة، وصلح حاله، ثم رجع إلى ما كان عليه من الزناء، وشرب الخمر، وأساء السلوك مع زوجته وأولاده.
الآن بطشه الله تعالى بطشا فسلب منه كل شيء، إنه حفر بئرا لزوجته وأولاده و لكن وقع نفسه فيه.
يود كل والد أن ينجح أولاده، ويترقوا في الحياة، حتى يصبحوا سندا ودعماً له، ولكن هذا الوالد الذي له أولاد ومتحلون بالتعليم العالي، كان خبيثا بطبيعته فأراد أن يسطر عليهم، خاصة ابنه الكبير لأنه بدأ ينجح في التجارة، وينفق على أمه وإخوانه وأخواته، فغسل دماغ ابنه المتوسط وأيقنه أنه يملك كل ما ملك، وأجبره على شتم الأم و إخوانه وأخواته ، وفعلا هذا أربع أوخمس سنوات، وأراد أن يُخرج أسرته عن بيته لكي تنشر أيديهم أمامه، ألقى الله تعالى غطاء على عقله، وما أصدق هذا القول "إن يرد الله تعالى أن يهلك شخصا يغطِ حجابا على عقله "
ولكن نصر الله تعالى زوجته وأولاده ومشوا بخطوات شجاعة وقرروا العيش حياة مستقلة بعيد عن قسوة رب البيت، فهاجرت زوجته مع أولادها إلى ابنها الكبير وبدأوا يعيشون حياة جميلة طيبة، وأعطى الله تعالى ابنها الكبير كل شيء بسبب صلاح أمه وأدعيتها.
وهذا الرجل الآن قد حرم عن كل شيء، لما عرف الناس حقيقته تخلى عنه كل شخص حتى تجنبوا عن التكلم معه بسبب لسانه و تكبره وبعد أن علموا بما عمل بأسرته، وعاش في منزله وحيدا مع ابنه العاصي الذي حرضه ضد زوجته، هو الآن عاص لأبيه، يضربه و يشتمه، إنه أهلك نفسه بسبب شقاوته، لأنه يملك كل شيء و لكنه طغى وتمادى في الطغيان مرة بعد أخرى.
كما تحصد تجنى، فقد جنى هذا الرجل ما حصده طول حياته، وملأ حياة زوجته الصالحة وأولاده بالشقاء، ولكنهم صبروا فجزاهم الله خير الجزاء، فهم الآن يعيشون سعداء في كنف النعمة والراحة، أما الرجل فهو يعيش بائسا تعيسا نتيجة لأعماله السيئة.
۞۞۞