إنه واحد مما يجري في التضاريس الموغلة بين الذاكرة والخيال. أحتاج إلى استحضار شيء ما على الأقل، أخلاقي أو قول مأثور أو ابتسامة ساخرة، من تلك الحياة التي عشتها واللحظات التي أتذكرها. ما زال يوجد بعض الأشخاص على قيد الحياة الذين قد يستيقظ إحساسهم بالماضي، ولكن حينئذ، بالطبع، قد لا يقرؤون هذه القصة مطلقًا.
لم التقي بالعم كوهلي لما يقارب عشر سنوات، حين صادفت صورته اليوم في قسم النعي في صحيفة "تايمز أوف إنديا". كان يبدو شابا كما وجدته عندما قابلته لأول مرة وأنا في السابعة من عمري. وبينما كانت خالتي المفضلة تتهيأ للزواج، كان العم مؤخرًا قد انتقل إلى ناينيتال، وامتلك فندق متروبول، ودخل في منافسة تجارية مميتة مع فندق غراند. والعم كوهلي هو من أشرف على تقديم خدمات الإطعام لحفل زواج عمتي. وكان قد انتقل من مومباي إلى محطة تل على ضفاف البحيرة بالقرب منا، وقد شاع في الناس بأنه مثّل دورا ثانويا في فيلم هندي فاشل في مومباي. لم تكن كلمة بوليوود موجودة في ذلك الوقت، أي لم يتم اختراع الكلمة آنذاك، لكنني تأثرت كثيرًا بذلك.
في حفل زواج عمتي بيندو، بعد أن عاد الضيوف إلى منازلهم والنوادل يُقرعون الأواني الفخارية بضجر في ملعب التنس المهجور، استقر العم كوهلي على الأسطوانة الخرسانية المكسورة وانفجر بالغناء، لم يكن هناك سوى عدد قليل منا حوله، لا وجود للضيوف، فقط العائلة، ولم نكن مستعدين لذلك، للطريقة التي انفجر بها صوته من صدره وارتفع فوق التل وعبر البحيرة، حتى بدا وكأنه يملأ السماء والأرض والسحاب. يمكنني أن أتخيل الخفافيش ترفرف رؤوسها على إيقاع أنغامه، والبوم يضرب بأصابع قدميه، والأمواج في البحيرة تقفز بهذه الطريقة وذاك، استجابةً لغنائه. ارتفع صوته مع الدخان المنخفض الذي كان يتدلى حول التندور الفارغ، ثم يرتفع ويصعد إلى النجوم.
ما هي تلك الاغنية؟ لا أستطيع أن أتذكر، ولكنني لم أنس دويها والشعور بها. لا بد من أن تكون أغنية حب. ربما تحتوي على كلمات مثل "بريم" أو "عشق"، أو ربما "محبة". كان العم كوهلي يؤمن بالحب، والحب عنده بمثابة الدين كما كان يدعي، ويقول: "أنا كاهن عابد في محراب الحب. لأن الله أكبر، والحب ملعون أعمى...وهذا ما ذُكر في نعيه في صحيفة "تايمز أوف إنديا" وهو: "الله أكبر والحب أعمى". جاء ذلك بخط مائل عريض فوق الصورة بالأبيض والأسود، في قسم "إحياء للذكرى" ولم يُذكَر "الحب ملعون أعمى"، ذُكر فقط "الحب الأعمى".
كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما اكتشفت تلك الحقيقة غير المتوقعة، وكنت قد وقعت في غرام شاب ليس مميزا بذكائه. قدمت له قلبي بتواضع بلا أمل في المقابل. وكنت أعاني من حَبُّ الشباب، وأقرأ الشعر، وكان كل الأولاد الذين أعرفهم يستمتعون بالسخرية مني. لأني خجولة بطبيعتي، وتعيسة بشأن مظهري، وأدت هذه الظروف جمْلَةً إلى الإيلام لا الإزعاج. تؤلمني الذاكرة بشدة كما لو أنه حدث بالأمس.
هنا، أنا واقفة على درجات سلم مكتبة البلدية على حافة البحيرة، وأراقب البط الذي يجدف في الماء وهو يمر بي في مودة سعيدة. السماء زرقاء، والشمس مشرقة، ولكن قلبي يبكي. لقد شاهدت الرجل الذي أحبه يدخل قاعة السينما المحلية مع فتاة جميلة جدًا. رمشتُ بعيدًا عن الدموع وبدأت أحدق بمزيد من الإمعان في البُطات الفرحة.
كان العم كوهلي يتنزه مارّا بي، فلوّح بعصا من العاج. ثم توقف ليذكر لي نكتة سردارجي ما يتعلق بسانتا وبانتا وطائرة لا تقلع، لكنها لم تجعلني أبتسم، تنبه رادار بريم بوجاري (المتعبد في محراب الحب) للعم على الفور. فقال "أنت سيدة شابة جميلة"، وهو ينظر إليّ بتقدير بعينيه الرماديتين اللتين نظرتا بحوَل، لابد من أن كل الشباب وقعوا في حبك، ومن لم يقع في حبك فهو أحمق. لأنك تعلمين ... توقف هنا قليلا، وأصلح شاله بطريقة ما، وقال: "الله أكبر والحب ملعون أعمى. فوجدت تحولا في وجهة نظري. فجأة العالم بدا على ما يرام مرة أخرى. السماء ما تزال زرقاء، والبط يجدف بنفس الطريقة، وفي نفس الاتجاه. أستطيع أن أشعر بالسعادة حولي وأنا ابتسم.
خلال سنوات مراهقتي، ظللت أقع في الحب المرة تلو الأخرى بانتظام شديد. وكنت أقول في نفسي في أوقات الأمل والحسرة تلك: "الحب أعمى". فقدت عذريتي عندما كنت في الحادية والعشرين. وتزوجت في النهاية عندما بلغت السابعة والعشرين من عمري. وفي سن الأربعين، كنت أكثر بؤسًا من أي وقت مضى. والآن في السابعة والأربعين، أجد العم كوهلي في صفحة النعي. لقد استحضرت ذلك الشعار الصوفي: "الله أكبر والحب ملعون أعمى". إنه يلخص الارتفاعات والانخفاضات في الحياة، ويعمل كذلك كجرعة كبيرة من الويسكي.
في لحظة استلهام، كنت حصلت على قلادة فضية عتيقة منقوشة برمز مختزل GIGALIBB، والتي كنت ألمسها بإصبعي عندما أكون في كآبة شديدة، لا يعني أن أحدًا ما كان يعتبره فيلسوفًا. فالعم صاحب فندق، ومُوَرِّد طعام، وجزار في لحوم الدجاج، ومستأجر غرف. قبل ذلك كان ممثلاً، وهو ما كان الأسوأ فيه. اشتهر بأنه زير نساء. كما يُذكر كنكتة محلية بأن زوجته هي التي بدت عمياء في حبه.
كان العم مفتونًا بخالتي، ابنة عم أمي، فقد جهّز الطعام لحفل زواجها. كانت بيندو جميلة بشكل مذهل. وتبدو كأنها مزيج –بشكل يتعذر تفسيره- من الممثلة غيتا دوت والشخصية الخلابة الموقرة هيلين. وتتمتع بطريقة خاصة في النظر إلى السماء، وهي تطلق تنهيدة عميقة حزينة ما تدفع الرجال إلى الجنون. ولكوني ابنة أختها المراقِبة والمخلصة، قد لاحظت هذا التفاعل الكيميائي المحير في هذه العملية، يضاف إلى ذلك، حيلتها التي تتمتع بها في إرسال أطراف الساري حين تسقط. وعندما يسقط الساري بشكل خادع عن كتفها، كان يظهر ثدياها الصغيران المنحوتان على أكمل وجه، بينما يحمر وجه عمتي بيندو خجلا وتقع في دهشة بريئة. تنظر إلى السماء وتطلق تلك التنهيدة العميقة، ثم تتحسس ذيل الساري بلطف حتى تقوم بإصلاحه بحصافة على شقها الشاحب بين الثديين.
في مرة من المرات، عندما كنت في نزهة مدرسية إلى كوساني، شاهدت الغيوم تتفرق لتكشف عن قمة ثلجية متلألئة في جبال الهيمالايا، ثم تجتمع مرة أخرى لإخفائها. لقد ذكرني ذلك بعمتي بيندو، وكيفية تغطية ثدييها بعد أن ينزلق ذيل ساريها. ثم غربت الشمس، لتصبغ السماء باللون الوردي مثل حمرة الخدود على وجه بيندو، لقد سررت تمامًا بالاستعارة الشعرية وفكرة إخضاعها للقافية.
لم تكن عمتي بيندو مغازِلة ومتدلَّلة. بل كانت غافلة عن التأثير الذي تحدثه في الرجال، واندهشت حينما تقدموا إليها بمعاتبات الحب. العم كوهلي، بالطبع، لم يعلن أبدًا عن حبه لأنه كان يعتبرها خارج نطاق تطلعاته. ولو كان بإمكانه أن يمسك المعصم الناعمة للاعبة ألعاب الورق في صالات ألعاب الورق، أو يغني قصيدة حب ممتلئة بالتلميحات الموجهة إلى سيدة خجولة. ولكن عمتي بيندو خارج نطاق فئته. وكان يحمر خجلاً عندما يراها، وعندما ينزلق طرف الساري ليُظهر ذينك الثديين الخجولين الشاحبين، كان ينظر بعيدًا دائمًا.
مرة أخرى، عندما كنت أنتظر في محطة ماليتال للعربات في طابور الانتظار لعربة دراجة لتنقلني إلى تاليتال، وجدت العم كوهلي واقفا خلفي. وكان يبحث عن رحلة تغيير عبر طريق المول وكانت تكلفته خمسين بينسا في تلك الأيام، حينها سقطت محفظة نقوده قريبا من قدمي. وفيها صورتها تحدق في وجهي، الصورة الجميلة العابسة التي تقدمت بيندو لالتقاطها في استوديو الهيمالايا في بورا بازار.
من أين حصلت على صورتها؟ "سألته. أعني، كيف؟ الله أكبر، أجاب بلا تردد، وعمتك بيندو عمياء لا ترى كم أحبها. لطفا، لا تخبريها أنك رأيت صورتها في محفظتي، حضرت ريكاشتان معًا، ركبت في ريكاشتي. بينما كان صاحب الريكاشة يضغط على الدواس بقوة يسير إلى الأمام، وجرس دراجته يدق موسيقيًا بالتزامن مع موسيقى المجموعة الرباعية للجيش في منصة الموسيقى، فقلِقتُ. وكنت وقعت في نوع من التواطؤ مع العم كوهلي بشأن حبه وتلك الصورة.
كان والدي في الجيش، وعندما تم إرساله إلى مكان بعيد وهو بونا، غادرنا ناينيتال لنكون معه. ثم عمل والدي في لندن لفترة من الوقت كملحق عسكري في المفوضية العليا. توفي جدي، وقلّت زياراتنا إلى ناينيتال، أتذكر وصولي إلى ناينيتال مع والدتي في أواخر أغسطس، قبل شهرين من زواجي الأول. ضربت الرياح الموسمية المتراجعة جبال الهيمالايا السفلية بغضب جنوني. يبدو كأن البلدة المحتضنة في الجبال، كانت امتدادًا بخاريا للبحيرة.
لقد جئت مع والدتي لفحص المجوهرات المخزونة في خزانة البنك، لمعرفة نوع الفئة التي كنت أرغب في امتلاكها. البوتشي الذهبي الثقيل والماتارمالا الطويل والهانسولي التقليدي وشاندراهار اليدوية كانت مجوهرات جميلة، ولكني كنت أتوق لشيء أكثر حداثة. حاولت أن أشرح ذلك لوالدتي لكن المحادثة تدهورت إلى تبادل لاذع.
لم نكن نتحدث مع بعضنا البعض. نحن، أنا وأمي، عندما لجأنا من المطر المستمر إلى نادي بوت هاؤس. كانت عمتي بيندو موجودة هناك، جالسة على الشرفة الأرضية المغطاة بجانب السطح، وتحدق في البحيرة. وكانت ترتشف كأسا من كامبا كولا. كان هذا هو العام الذي مُنعت فيه شركة كوكا كولا من التعبئة في الهند. إنها بدت مختلفة في شيء ما، وهو نوع من إعادة التركيب التجزيئي. قبّلتها، وأدركت من ذلك أنها كانت تشرب الرمّ والكوك.
سقط طرف ساريها، ولاحظت أن رقبتها وصدرها مصابان ببقع كبيرة منتشرة من البويضات الجلدية. سحبتها بملل، ولم تعد سحابة مرحة تداعب قمم الجبال البعيدة، انقشع المطر، وغادرنا إلى المنزل قبل أن يبدأ هطول الأمطار مرة أخرى. كانت هناك رائحة رطوبة في كل مكان، وكان المطر يهطل على السطح مثل مليون آلة كاتبة يدوية تقعقع وقت تسجيل الإملاء بنسبة 180 كلمة في دقيقة. كنت قد انضممت إلى وكالة إعلانات كمتدربة قبل ذلك بقليل، ويمكنني أن أتذكر أني كنت أهنئ نفسي على استخدامي الاستعارة الذكية. وكانت هناك صاعقة برق، وقصف رعد، وتعطل التيار الكهربائي. وجدت أمي مصباحا يدويا ثم بعض الشموع وأخيراً علبة كبريت رطبة. جلسنا في ضوء شمعتين متقطعتين بينما كانت الرياح تتدفق عبر زجاج النافذة المكسور كدخيل وقح.
كنا، أنا ووالدتي، قد توصلنا إلى الصلح وقْتئذٍ. وقد تم الاتفاق على إعادة بناء أقراط الماس المتواضع الخاص بها في شكل الأقراط المتدلية بأحدث طراز. كنت أتمتع بالجلوس والتحدث مع والدتي في همسات، ما أدى إلى تقليل وطأة المطر. سألت: "ماذا حدث لعمتي بيندو؟". هي تبدو مختلفة تمامًا. عادة، لم تكن كذلك أبدًا...
انخفض صوت والدتي إلى همسة تآمر، لذلك لم أكد أسمعها بسبب قطرات المطر المتساقطة. لا تجري الأمور على ما يرام لـ بيندو. زوجها، العم أوميت، قد أصبح متدينا وانضم إلى أشرم هرتولا في ألمورا. وقد تقاعد مبكرًا ولجأ إلى عالم من الصيام والتأمل وقَسَم الصمت الذي لا يمكن التنبؤ به. إنه قد طلب من البنك بتحويل معاش تقاعده إلى حسابها المصرفي كل شهر. كان ابنهما في مدرسة داخلية في كلية شيروود في ناينيتال. وكان يتم دفع الرسوم المدرسية من مدخرات أوميت. لا يُسمح له بمقابلة والدته إلا في عطلة نهاية الأسبوع مرة في كل شهر، كما همست أمي. "أتساءل ما الخطأ الذي حدث في حياتها"...
تصارعت الريح مع زجاج النافذة المكسور، وانهارت إحدى الشموع في ركام من الدخان والموم. تذكرت كيف كان يسقط ذيل الساري من كتفيها، وكيف كانت تحاول لإعادة ترتيبها ليكون حجابا محتشما وفيّا. تساءلت عما إذا كان العم أوميت قد وجد ذلك جذابا وساحرًا وإذا كان قد قرّبها إليه. ربما لم يحدث ذلك. وفكرت في خطيبي برانيش، وهبت ريح باردة مثل هاجس لتستقر حول قلبي. كنت قد نسيت تسلسل الأحداث بعد ذلك. تزوجت من برانيش في أكتوبر، وعشنا في كندا لعام، حيث صدمني حجم بحيراتها ونطاقها وأَخْجَلني حتى أعدت تقييم فهمي السابق للكلمة. كانت ناينيتال ذكرى بعيدة وكذا تجمعها المائي الأخضر هو بركة إقليمية نائية.
عدنا إلى ناينيتال في صيف، عندما كان مزدحمًا بالسياح وبمن يقضون شهر العسل لحد أنني شعرت بالوقوع في كابوس اليقظة. بدا أن كل واحد من السائحين كان يحمل ترانزستورًا، ويبدو أن كل ترانزستور يعطي نفس ألحان الأفلام الهندية. كانت التلال يتردد صداها مع أغاني الحب، وهنا كان العم كوهلي يلعب دوره في إضافة ترنيمه بأحدث الأغاني الناجحة إلى الضجيج. حينما رآني، برقت عيناه الرماديتان وابتسم ابتسامة عريضة. كان قد فقد أسنانه الأمامية ويبدو مثل غلاف "مجلة ماد" (Mad Magazine) فهمس قائلاً هل تتذكرين؟ "الله أكبر، والحب ملعون أعمى".
كان ذلك هو اليوم الذي خاضت فيه بيندو في البحيرة وغرقت. أو كادت أن تغرق. انتشر الساري الخاص بها مثل شراع يخت متصاعد عندما انزلقت في المياه الخضراء من رصيف المراكب الصغيرة عند أسفل سطح السفينة. رآها الملاحان وهي تختفي في البحيرة فغاص كلاهما وراءها. بحيرة ناينيتال عميقة جدًا عند تلك النقطة، لكنهم تمكنوا من إخراجها بطريقة ما. وكانت تشابكت قدماها في الطَحَالب، لكنها كانت لا تزال تتنفس ولو بصعوبة.
العم كوهلي وجميع اللاعبين الآخرين الذين كانوا يلعبون ألعاب الأوراق في صالات ألعاب الورق قد اجتمعوا بجانب السفينة لمشاهدة عملية الإنقاذ فاغرين أفواههم. سحب ملاحوا القوارب جسدها الميت إلى الخارج، وقفز عليها العم كوهلي وبدأ في إنعاشها من الفم إلى الفم. ثم حضرت طبيبة وضربتها ووكزتها لإخراج الماء من رئتيها. لم أكن هناك، ولكن وصفوا لي ذلك وصفا مفصلا، كما وصفوا لكل شخص في ناينيتال، بما فيه السائحون الذين أوقفوا ترانزستوراتهم لبعض الوقت للاستماع إلى قصة حقيقية للسيدة التي خاضت في البحيرة.
ذهبنا لزيارتها في مستشفى رامسي، هي بدت فارغة ومُشَوّشة. كان ابنها سونيل قد حضر لزيارتها، وكان جالسًا في حزن بجانب الباب وينظر إلى البعيد بذهول، فحاول برانيش أن يتحدث معه، ثم وصل العم كوهلي دون أن يبتسم. أخرج محفظته وفتحها. كانت هناك صورة لبيندو ما كانت تبدو مزيجا من غيتا دوت وهيلين، مع زهرة في شعرها وعبوس جميل على شفتيها. قال العم كوهلي بصوت أجش: "انظر إلى هذه الصورة" يا بيندو. منذ سنوات عديدة، كنت أحمل هذه الصورة. منذ سنوات عديدة، لقد أحببتك. لماذا ا؟ لماذا ا؟ لماذا ا؟ لأنني كاهن الحب في محراب العشق. عندما كنت صغيرا كانت لي حبيبة في لاهور. كانت فتاة مسلمة وماتت أثناء أعمال الشغب عند انقسام البلاد. ماتت والدتي وأختي. وأردت أن أموت لكني عدت إلى الحياة. لأن الله أكبر، ولأن الحب أعمى. لا تفعلي هذا بنفسك، يا بيندو. عُودي إلى الحياة.
إنها قد نامت. وعيناها مغمضتان، وصدرها يتحرك برفق تحت ملاءة المستشفى البيضاء. أخذتُ سونيل معي إلى الشقق واشتريت له قطعتين من الشوكولاتة وحلقة للمفاتيح مكتوب عليها "تخيل" بخط ساحر محير للعقل. فرح بذلك وبدأ كأنه يختلط ويحتك بـ برانيش.
سألني برانيش لاحقًا بعد أن أوصلنا سونيل إلى المستشفى، من كان ذلك الرجل الذي زار عمتك؟
أوضحت له بأنه مجرد رجل وأحد سكان ناينيتال. يمتلك فندق متروبول، وأعتقد لعله كان أحد المعجبين بها عندما كانت شابة....
غادرنا في اليوم التالي وعدنا إلى كندا بُعيد ذاك. بعد ثلاثة أشهر، دخلت بيندو في البحيرة مرة أخرى بالقرب من معبد باشان ديفي. رآها طالب من الكلية المحلية وقت اختفائها في الماء، وكان أطلق جرس الإنذار. لكن جسدها كان قد انجرف إلى شقوق الصخور أسفل المعبد، وكان قد مضى شهر بعد أن وجدها الغواصون.
كتبت إلي والدتي لتخبرني بما حدث واتصلت هاتفيا لذكر ما بقي من التفاصيل. كنت أظهرت عدم اهتمام بما حدث للناس لأنني كنت قد جُرحت عميقا في تلك الفترة بسبب المعارك الزوجية المتسارعة. كتبت رسالة مناسبة إلى ابنها سونيل، وقررت بحساسية أنه لا جدوى من الكتابة إلى العم أوميت.
لقد مر زمن طويل على ذلك، وربما لا أثر له على أي شخص الآن. لكن يجب علي أن أسجل هذا وأتذكره، لأعيش تلك الأيام من جديد، وأتعلم مرة أخرى من إعلان نعي العم كوهلي وهي الرسالة الباقية من حياته.
إذا قسمنا القول السائر للعم كوهلي إلى نصفين منطقيين، فإن معالجة النص الفرعي تكون أسهل. "الله أكبر" هي مناورة للاستسلام التام، ما يسمح لنا بالتغاضي عن ظلم القدر وسوء الحظ مع إمكانية وجود سياسة مُلَطِّفة "أترك الأمر للمصنِّع". و"الحب ملعون أعمى" يعبر عن جميع الأنواع من الألم العاطفي والخلل.
عدد قليل من البشر محظوظون بحياة تديرها وترشدها فلسفة شخصية. قضى ديوجين، الساخر اليوناني، حياته حاملا مصباحا في وضح النهار باحثًا عن رجل مخلص. وقد أسس العم، المسيح غير المعترف به، مبدأ أكثر حساسية، وهو جيجالب (GIGALIBB)[1].