مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

عودة التسُونَامِي

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 19, 2022
1278 


عودة التسُونَامِي

قصة قصيرة
بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند

تمهيد:

(لا أدري، مثل الآخرين، هل هذه حقيقة أم خيال، لأنها أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة. في مساء يوم الخميس الماضي، حكى لي تلميذي العزيز الأخ عثمان بن همزة هذه القصة. وهو يُطعمني ألذ الأطعمة التي تناولتُها منذ حين، ويقول إن هذا الطعام الشهي من إعداد هذا الرجل الجديد الذي يُعرف في قريته بلقب تسُونامي. واستغربتُ من لقبه الذي لا أعتقد أنه من الألقاب الشائعة في ديارنا المليبارية. إنما هي كلمة تعني مجموعة من الأمواج العاتية تنشأ من تحرك مساحة كبيرة من المياه مثل المحيط ومن الزلازل والتحركات العظيمة سواء على سطح المياه أو تحتها، ولكن الكلمة ارتبطت في ذاكرتنا الشعبية بالطوفان الذي عصفتْ رياحُه العاتية بالقرى الساحلية في إندونيسيا والبلدان المجاورة للمحيط الهندي سنة 2004م. والإبداع، كما يرى النقاد، لا يأتي من الفراغ، وإنما يستلهم المبدع مادته القصصية من واقع الحياة، ومعايشته للأحداث والوقائع، ومن تجاربه وتأملاته وملاحظاته الدقيقة فيما يقع حوله كل لحظة وآن.

إنها قصة حب وصفاء، وقصة برّ ووفاء. قصة إبراهيم، ذاك المراهق المليباري الذي غادر بيته قبل سنوات. وترك أسرته ليهرب إلى مكان بعيد بعد أن ارتكب معصية كبرت في عينيه وخاف عليها العقاب من والده المستبد العم[1] علي. في المجتمع المليباري، المتنمرون من الأطفال يتورطون في التنمر على الأطفال داخل المدرسة، وحينما يخافون الضرب والتوبيخ من والديهم يلجؤون إلى مغادرة بيوتهم وقراهم أو النفور من ذويهم وأقاربهم ثم يفرون إلى مكان بعيد... ومنهم من يرجعون إلى بيوتهم بعد أيام، ومنهم من تكتشف الشرطة على مكانهم الجديد، وتُعيدهم إلى أحضان أمهاتهم، ومنهم فئة ثالثة تُفضّل الاستقرار في مكانها الجديد ويحلو لها البقاء هناك لتبني عائلة دون العودة إلى أوطانها.)  

السيد إبراهيم الذي اشتهر في قريته بلقبه الغريب "تسونامي"، رحل عن ذويه إثر شجار عنيف بينه وبين أصدقائه في المدرسة. مدير المدرسة السيد عبد الرحمن كالاثيل طلب من والده "العم علي" أن يحضر المدرسة لاتخاذ الاجراءات الرسمية لسحب ولده إبراهيم عن المدرسة لكثرة تورطه في أعمال التنمر على الأطفال الآخرين داخل المدرسة. وفي مساء ذلك اليوم قرر إبراهيم أن يغادر بيته ويفر إلى مكان بعيد لا يخاف فيه ضربة والده العم علي ولا عقوبة منه. وفي صباح اليوم التالي، قبل أن يبزغ الفجر من رحم الظلام، خرج إبراهيم من الباب الخلفي لبيته، وألقى نظراته الأخيرة على كل جزء من أجزاء البيت، وقبل أن يطلع على شارع القرية الذي يقوده إلى محطة القطار، حفر إبراهيم الفارّ اسمه على جذع الشجرة الصغيرة التي أتى بها قبل 3 سنوات من المدرسة في اليوم العالمي لحماية البيئة. وظن الولد أن اسمه سيبقى راسخاًً في ذاكرة أقاربهم طالما بقي اسمه محفورا على جذع هذه الشجرة.  

وهنا ندع صاحبنا إبراهيم التسونامي يحكي لنا قصة حياته بعد فراره من البيت. والقارئ يدرك بأن حياته لم يتناسق ظاهرها البهي والجميل مع باطنها القاسي والمضطرب بعد انفصاله عن قريته الصغيرة في المليبار - التي تربى فيها كولد مدلل يعرفه الجميع - إلى جزيرة حيث لا علاقة له فيها ولا قرابة. وهيا بنا نجلس معه لكي نستمع إلى ما يحكي لنا عن أيامه الماضية في هذه الجزيرة البعيدة، وعن الأسباب التي ساقته مرة أخرى إلى قريته في المليبار... لأن الإنسان إذا ما عايش ظروفا قاسية بعيدة عن أنظار الآخرين، يصبح مجرد وهم وخيال.

يقول إبراهيم التسونامي: "استقرت بي تلك الرحلة في إحدى جزر آندامان ونيكوبار (Andaman and Nicobar Islands) الواقعة في المحيط الهندي... رحلة هربت فيها بنفسي ومشاعري، بالقطار، والباص، والسفينة، إلى هذه الجزيرة النائية عن قريتي في المليبار. لم أعرف ماذا كان عليّ أن أفعل... أتسكع كل يوم على طرقات مدينة بورت بلايار (Port Blair) أبحث عن اللا شيء، أو ربما عن شيء أملأ به بطني الجائع... وبعد أسبوعين كاملين، حصلت على عمل في أحد المطاعم في هذه الجزيرة. ما كانت وسائل الاتصالات شائعة في بداية التسعينيات، فلم تتمكن الشرطة من الاطلاع على مخبأي، كما لم يتعرف عليّ أحدٌ من سكان هذه الجزيرة... وذات مرة، سألني أحد الزملاء في المطعم عن قريتي ومسقط رأسي... وذكرت له اسم قرية أخرى بعيدة عن قريتي لكيلا يتفطن إلى قريتي فيكتشف هويتي... ومع مرور السنوات، تناسيت جميع العلاقات التي ربطتني بأقاربي وقريتي... ومرت الأيام في هذه الجزيرة بسرعة البرق. واتخذتُ في الجزيرة أسرة ضمتني أنا وزوجتي التي أنجبت لي ولدين...  

وبينما أنا أعيش ميسور الحال ومطمئن البال في الجزيرة الهادئة، عصفت رياح التسونامي العاتية بشواطئ المحيط الهندي سنة 2004م. وكان ولدي الصغير مع جدته لأمه يلعب في رمال الشاطئ حينما جاء التسونامي، بكيت وبكيت بملئ حنجرتي لأني عرفت بأن الأمواج قد جرفت بابني الصغير... بحثت عنه ثلاثة أيام في المخيمات والمستشفيات وفي وسط الأنقاض... وأخيرا بعد خمسة أيام قالت السلطة بأنها أدرجت اسم ابني في قائمة الأطفال المفقودين... نعم آلاف الأطفال الأبرياء قد انفصلوا عن والديهم... نذرت القرابين باسم الأولياء والصالحين... وأخيرا اتصلت بذلك الهاتف الذي حُفرت أرقامه في ذاكرتي منذ الصغر... رقم الهاتف في بيتي في قريتي في المليبار... رقم لم أتجرأ أن أتصل عليه بعد فراري قبل عشرين سنة... اتصلت لكي أخبر بأن ولدي الصغير قد صار من المفقودين إثر رياح تسونامي... ورن الهاتف في قريتي... من أول وهلة عرفت ذلك الصوت الجهوري... والدي العم علي... ارتجفت يميني التي أمسكت السماعة... ولا أدري هل يرتجف بدني لخوف ما سأسمعه من كلام الوالد أو مواساته لي لفقد ولدي... شددتُ سمّاعة الهاتف لأذني اليسرى بقوة أكبر، ثم تجرأت على أن أقول... "إني إبراهيم، ولدكم الوحيد الذي فر منكم قبل عشرين سنة... أنا بخير... وأظن أنكم أيضا في أتم الصحة والعافية، وأتمنى لكم الصحة وطول العمر... وإني منذ أسبوع لم أر ولدي الصغير، ولم أسمع صوته، لا أعرف شيئا عنه، سوى أنه ضاع مني كما ضاع أطفال هذه القرية عن والديهم... إن أمواج تسونامي العاتية قد دمرت القرى المجاورة لسواحل جزر آندامان (Andaman Nicobar Island)، وشردت الأهالي وأماتت أفراد الأسر والعائلات، فيما تشرد الأطفال عن بيوتهم ينتظرون مجيء أبويهم في المخيمات التي أقيمت في مدينة بورت بلايار (Port Blair)... وألتمس منكم يا بابا أن تدعو لولدي المفقود..."

وقبل أن أنهي كلامي، قال والدي العم علي: "ألتمس منك أيضا أن تدعو لعودة ولدي الذي غاب عني وعن أمه قبل عشرين سنة، لعل الله يعيده إليّ قبل موتي، لأن والدته المريضة لا تزال تذكره، وتسأل عنه" مرت لحظة من السكون، لم أسمع سوى خفقات قلبي، وكنت أحس بأن الأرض تدور حولي. مَنْ قال إن الأرض التي حولنا لا تحس ولا تشعر ولا تحزن؟ أعتقد بأن ذلك المكان الذي أنا فيه، يدور حولي، ويحس بمشاعري، وهو أيضا يرتجف لهول ما سمع من كلام الأب. شعرت بأنني على وشك الإغماء، وبدأت أفقد توازني رويدا رويدا، شعور غريب يستعصي على التفسير... من دون أن تنتظر إذني، تنهدتُ طويلا ومرات... هل تستطيع أمواج التسونامي الهائلة التي عصفت بنا قبل أسبوعين، أن تطفئ ما تفجر بداخلي من بركان...؟ كيف أرده؟ كلمات قليلة مختصرة عليَّ أن أجيبه بها، ولكنها لم تصل إلى الخارج... "لن أترك الزمن مرة أخرى يعبث بنا يا بابا، لن أترك الظروف تبعدنا عنك وعن أمي ". لا أدري هل هذه الجملة وصلت إلى الطرف الآخر في الهاتف؟ أم لا... إلا أنني حاولت أن أكررها، ولكن العبرات في عيني قهرت العبارات على شفتي.

راحت أبواب الذاكرة مشرعة تتفتح أمامي على أيام جميلة، بدأت أستعيد ذكرياتها الرائعة، وقد أحسست أن كل ما حولي يتراقص على الذكريات الحلوة التي قضيتها في أسرتي، لعنت كل الساعات والدقائق والثواني التي لم تسمح لي بالرجوع إلى هذه الذكريات الجميلة... وبعد عشرين سنة، أرجع إلى مسقط رأسي، إلى دفء أمي، إلى رأفة والدي، إلى محبة أقاربي... ذهبت ذكرياتي الماضية مهرولة إلى مسقط رأسي، إلى قريتي، إلى مدرستي، وإلى جميع الذرات التي شكلت بيئتي في الطفولة. وأسرعت إلى مدينة بورت بلايار (Port Blair) لكي أححز تذكرة السفر للرجوع إلى قريتي الجميلة. نعم في الأسبوع القادم، هناك سفينة ستقلع من ميناء بوت بلايار (Port Blair) إلى كوشن (Cochin). يا إلهي.... بعد عشرين سنة، سوف ألتقي بوالدي، ووالدتي، وأقاربي، وأستنشق هواء قريتي... للحظة، تخيلت أن هذا المكان حولي قد تحول إلى طفل لا يملك سوى البكاء.

عشرون سنة يكفيها لتغير صورة القرية التي التقطتها عدسة ذاكرتي... كل شيء تغير، إلا تلك الشجرة الكبيرة التي حفرت على جذعها الصغير اسمي لكيلا أكون أنا خبرا منسيا في بيتي وبين أقاربي. وهي واقفة قبال بيتي إلا أن الحروف الإنجليزية التي حفرتها أخذت تضمحل... الأقارب والجيران كلهم ينظرون إليّ بعين الاستغراب والدهشة... أجُرّ أنا خطواتي الثقال، وأطلب من الأرض التي تحت نعالي أن تتوقف عن الدوران لأترجل منها... طرقت الباب كأنني أطرق عليه أولا في حياتي... وفتحت الباب شقيقتي الصغيرة التي كانت في عمرها الخامس يوم وداعي، مُحدّقةً في وجهي، وهي تحاول أن تجد وجه التشابه بيني وبين تلك الصورة الراسخة في ذهنها حين غادرتُ البيت قبل عشرين سنة. ولكن محاولاتها فشلت، واختفت وراء أمي. أما والدتي المحبوبة، فهي لم تفتح باب المحاولة، بل بمجرد رؤية حققت بأنني ذلك الجزء الذي انفصل عن حضنها ولم ينفصل عن قلبها. وهي تضمني إلى صدرها كما كانت تضمني وأنا رضيع في حجرها. قَلّت الكلمات في شفتيها وكثرت الدموع في عينيها، وهي تسمح لدموعها بالفيضان كما تفيض الأنهار في كيرالا في موسم المطر ... رسمت الأحزان والآلام آثارها على وجهها... وكم افتقدت هذا الدفء، وكم كانت الحياة دافئة في أسرتي قبل سنوات... تململت في داخلي "ذريني وقلبك يا ماماه... هذا الدفء لا أُضيّعه مرة أخرى في حياتي..."

أما والدي "العم علي" الذي لم يكن موجودا في البيت وقت رجوعي... كان قد رحل إلى السوق لشراء الحاجات المنزلية. وبعد ساعة، رأيت والدي يصعد الأدراج، رجل كان في عنفوان شبابه يوم ذهابي... وأصبح اليوم شيخا هرما شيبته الأحزان والآلام وأنهكته الأمراض والسنون، وهو يتكئ على عكازه، ويحمل في يساره كيسا للخضراوات والفواكه... حدّقتُ النظر في وجهه، تلك السنون المجدبة قد رسمت على ملامح وجهه نقوش اليأس والاستكانة، إلا أنني رأيت ملامح الاستبداد لا تزال باقية في عينيه الثاقبتين. كم تغير والدي... أخاديد عميقة، وظهر مقوس، وعكازة... اقترب والدي مني وتبسم على رؤيتي، لقد أعطته هذه المفاجأة المباغتة ابتسامة حلوة تعبر عن فرحه سروره الغامر... طبع والدي قبلة على جبيني، ثم عانقني... كأن كاهله قد صار أكثر انحناء لثقل ما حمله طوال هذه الأيام البائسة. لم أتجرأ على أن أتفوه بكلمة... حينما عانقني معانقة طويلة استمرت لدقائق، تلاشى كل شيء حولي، ولم يبق إلا طفله هو ووالدي العم علي، الوالد المستبد، والعطوف بطريقته الخاصة... وقال والدي: "الحمد لله على سلامة ولدي وفلذة كبدي إبراهيم". خلال حياتي كلها، لم يعانقني أحد معانقة دافئة كهذه... نعم اليوم، بعد عشرين سنة، في حياتي الجديدة أرى الكثير من الوجوه المبتسمة، وأنال  الكثير من الحب من الأقارب، وأنال السعادة من الدموع، الدموع هي بلسم للجروح، وهي ترياق بل وأكسير للحياة.

وأصبحت قصة إبراهيم حديث الناس في القرية. إبراهيم الذي غادر القرية قبل عشرين سنة، رجع إلى أهله بسبب تسونامي... تقول أم إبراهيم إن تسونامي قد ضيعت رياحُها العاتية آلاف الأبرياء من الأطفال، إلا أنها أرجعت طفلها إبراهيم إليها. فتح إبراهيم بعد عودته إلى القرية مطعما في قريته وأضاف إلى الأكلات والأطباق المليبارية بعض الأكلات الساحلية من الجزر الشرقية في مطعمه الذي سماه: "مطعم التسونامي" ومن هنا، اشتهر صاحبنا إبراهيم بلقبه الغريب "التسونامي".

 


[1] العم علي (Ali Uncle) هكذا يناديه أهل القرية.

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal