مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

القطار

زياد طارق عبد الله العبيدي
October 01, 2023
169 


 القطار

زياد طارق عبد الله العبيدي

شاعر وقاص من العراق.  

------------------

يبتعد القطار رويداً رويداً... تلك المدينة المشؤومه تتوارى ويتوارى معها الصخب ويحل الهدؤء شيئاً فشيئاً ..اطلالها تختفي خلف دخان الماضي وأطياف الذكريات... وضجيج عجلات القطار يعلو ويعلو... وهو ما زال غارقاً في صمته ينتظر وكأنه يحث القطار أن  يبتعد أكثر وأكثر.. يحبس أنفاسه، يريد أن يستنشق الهواء النقي، ما زال صدره المثقل بسموم وهموم تلك المدينة التي كان يتمنى أن يفارقها ... رغم أن جذوره ممتده لآخر تفاصيلها  ... مرت بخياله صور  حاويات القمامة الصدئه..الرجال الذين أتعبتهم السنين بملابسهم الرثه وهم يسحبون عربات الحمل التي صنعوها بأيديهم ليكسبوا قوتهم اليومي بعناء كبير. الكلاب السائبة تبحث عن فتات الطعام في حاويات النفايات...  الأمراض المنتشرة، شئ يثير الاشمئزاز في مدينة تغفو على دخان الحرائق حين يستحيل جمع النفايات مما يضطر البعض منهم إلى إحراقها. ما زال القطار مستمراً في الابتعاد  ومع ابتعاده تقترب الأفكار والأحلام .. طَلَ ببصره من النافذة تأمل مناظر الأشجار اليابسة وهي  تمر سريعا أمام ناظريه .. لم يكن موسم الخريف قد حان، ما زال يسمع صوت الناي وهو يبكي مرارة الحياة وصعوبتها كانت أمه تخبره دائما أن الخيط الذي يربط بين الحياة والموت هو رحله قد تنتشله بلحظة ما زال الوقت مبكراً لهذه الأحلام الجميلة، القطار لم يبتعد كثيراً وما زال هناك متسع من الوقت حتى يفكر جيداً في الخطوة القادمة لكنه قد عقد العزم على مغادرة تلك الأزقه المتهالكة التي تشبه الخرائب والشوارع الضيقة وهواؤها الذي يحمل رائحة العفن،  كان بحاجه لهواء نقي يملأ صدره ، يفتح مسالك الرائه ويجعلها تتمدد بكل الاتجاهات... كتب في دفترة مذكراته يوما سوف أغادر . ابتسم بهدوء تناول منديله الأزرق جفف العرق من جبينه كان بحاجه لقدح من الماء وفنجان قهوة قد يساعده قليلا نهض من مكانه قاصداً عربة المطعم ما بين العربات كان الممر ضيق يشبه أزقة مدينته وبعض أبواب الغرف الخاصه مفتوحه تسمح له برؤية من يجلس بها هناك امرأة بدت مضطربه يجلس أمامها رجل مسن لمح ذلك بسرعة ومضى إلى عربة المطعم  .. هناك طفل يبكي في الممر ربما كان يشكو من ألم ما أو أن اهتزاز القطار أرعبه .. تمر من امامه الصور القديمه ذكريات الدراسه ومعاناته مع المعلمين وكيف كان يتعرض  للتوبيخ حين لا يكون قد أنهى فروضه المدرسية ، كل هذه الصور كانت تمر في خياله سريعاً ، وصل إلى عربة المطعم الدخان يملؤها.. لم يكن يرغب في الجلوس ذهب إلى النادل وطلب منه فنجاناً من القهوة وأخبره أنه لن يجلس سوف يبقى في الممر. كان يريد أن يتأمل هذه الحقول الممتدة عبر المسافات إلى اللانهاية ... ابتسم النادل بكل احترام وأخبره بأنه سوف يلبي طلبه سريعا.

أحضر النادل القهوة اخذ يرتشفها بهدوء وهو يتأمل المناظر التي تمر سريعا من أمام نافذة القطار ايقاع الحياة يمر  سريعا الاشياء تتحرك من حوله ومازال يقف أمام النافذة تذكر حديثه مع والدته وكيف كانت تبكي بمرارة وهي تحاول إقناعه بعدم السفر ... إلى أين تمضي يا والدي إلى المجهول ما زلنا بحاجة لك العمر مضى بي والايام تعتصرني كيف يطاوعك قلبك وترحل عني انتظرت كل هذه السنين حتى أفوز بنظرة لحفيدي... اتمنى ان احمله بيدي المتعبتين  .. لكن يا امي لن استطيع الزواج هنا ..  لا مستقبل لي في مدينة تأكلني شيئاً فشيئاً .. لا بد لي من السفر ... لكنك ابني الوحيد لا أملك في هذه الدنيا إلا أنت بعد وفاة والدك .. أختك تزوجت وهي لا تعوض غيابك رغم تواصلها اليومي معي ... ارجوك لا ترحل ... كانت هذه العبارة الأخيرة تتردد في مخيلته يشعر بشدة وقعها عليه  ويعتصر قلبه الألم لكن البقاء كان أصعب من الرحيل ... مازال القطار يصدر اصواته المزعجه والمسافرين بين من يتجول بين العربات وبين من فضل الجلوس والتأمل .. عاد إلى مقصورته والحزن يملأ قلبه بضع ساعات ويصل كان لا بد له يرمي الماضي وراء ظهره ، تلك الأفكار تشتته فضل النوم قليلا ربما يريح رأسه من طرق الأفكار وعجلات القطار ... غط في نوم عميق حتى أنه لم يكن يشعر بشيء  لا أصوات عجلات القطار ولا المسافرين وضجيج أصواتهم وحركتهم استسلم لحلم الوصول والخلاص كل هذه السنين التي عاشها بألم ومعاناة كبيرين سوف تنتهي بمجرد الوصول إلى المرفأ كان قد اتفق مسبقاً على طريقة تساعده على الهروب مقابل مبلغ من المال كان قد ادخره لمثل هذه الظروف .. استيقظ ورأسه مثقل بالأفكار مازال هناك وقت حتى يصل القطار إلى محطته الأخيرة متأملاً تناوب الصور من نافذة القطار مساحات من الأرض المفتوحه مساحات خضراء مدن وقرى تمر بأيقاع سريع مثل هذه اللحظات رغم الخوف والحزن والمشاعر المتشابكه يغرق في حلم الوصول تناول دفتر المذكرات كان يدون كل شيء .. يكتب بعض النثر .. يجيد اختيار العبارات التي تبكي حبر القلم ..

اقترب القطار من محطته الأخيرة كانت الشمس تميل إلى الغروب ، الرحله الطويلة شارفت على الانتهاء.. يشعر بهواء البحر اول مرة يحس بأن رئتيه تريد المزيد من الهواء يستنشق بعمق كأنه لم يستنشق هذا الهواء من قبل احساس بالحرية لم يشعر به مسبقا وصل القطار إلى المحطة حمل حقيبته الوحيده ومن حوله الجميع يحاول الوصول إلى باب الخروج كأنه الخلاص من العبودية أو كأنه رحله إلى فضاء أوسع سوف تبداء الآن لم يشعر بهذه السعادة والفرح من قبل كان قلبه ينبض بسرعه كل شيء جميل من حوله يرى الوجوه مختلفه كلها تشعر بالحرية والفرح حتى الطفل الذي كان يبكي في ممر القطار يقفز هنا وهناك ويركض وأمه تركض وراءه  تخاف عليه من السقوط .. صعد السلم باتجاه باب المحطة متوجها إلى سيارات الأجرة التي ستذهب به إلى المدينة  ينظر في وجوه سواق السيارات كأنه يريد أن يسألهم جميعا عن العنوان الذي أرسله الشخص الذي سوف يساعده على الهجرة تقدم نحوه شاب لطيف الشكل. سيدي هل تحتاج إلى سيارة . نعم اريد الذهاب إلى هذا العنوان لو سمحت .. اخذ السائق الورقه وبدت عليه علامات الاستغراب ظل ينظر في وجهه مليا .. ثم قال:

-هذا المكان في أطراف المدينة

-هو فندق قديم

-بإمكاني أن اخذك إلى فندق أفضل منه وأسعار الخدمة فيه مناسبة

-لا لا أريد الذهاب لهذا الفندق ولا يهمني كم التكلفة. 

-حسنا سوف اخذك اليه تفضل بالصعود

-هات الحقيبه حتى أحملها عنك .

-لا شكرا سوف أحملها انا.

صعد في السيارة وهو ينظر إلى الأماكن من حوله يتعمق في تفاصيلها لديه الكثير من الاسئله لكنه لا يستطيع التحدث مع السائق كان يريد الوصول بسرعه كل شيء جديد من حوله وجميل الشوارع الواسعه الأضواء الطرق الجميلة الهواء النقي فتح نافذة السيارة وراح يستنشق المزيد من الهواء والفرح يملء قلبه مزيج من المشاعر لا توصف كأنه ولد من جديد . وصل إلى الفندق بعد مرور نصف ساعه لم يشعر بها ابدا كان الفندق في زاوية مظلمه والبناء قديم ، شئ يثير الريبة.

قال له سائق سيارة الأجرة :   

-هذا هو الفندق هل تريد النزول فيه ام تذهب لفندق آخر

-قال له لا شكرا سوف انزل هنا هذه الليلة.

أبتسم السائق واخذ الأجرة منه واستدار راجعا عسى ان يجد شخص آخر يحمله إلى مكان آخر.  دخل إلى الفندق وكانت الصاله رثه تتوزع فيها مقاعد الجلوس بلا ترتيب  منضده كانت هناك في ركن الصاله هناك رجل يكاد لا يظهر من وجه شيء يقف خلف منضدة عالية لا يكاد يراه وخلفه مصباح يمنع الرؤية بصورة جيدة اقترب منه،

-مساء الخير سيدي

-لطفا هل أجد لديكم غرفة للمبيت.

رفع الرجل رأسه من خلف المنضده وتمعن في هيئة الزبون.

-آسف جدا لا توجد غرفة فارغه الليلة.

-كيف ذلك لقد أخبرني صديقي أن انزل هنا وقال لي أن اعطيك هذه الورقة حتى تؤمن لي غرفة.

تأمل صاحب الفندق الورقه من بعيد وقال له:

-ناولني إياها.

أخذ يتأمل بها قليلا كان مكتوب فيها هذا الشخص عائد لي أرجو تسهيل إقامته. أبتسم صاحب الفندق مما منحه شعور بالراحة.

-نعم نعم يمكنك البقاء هنا تعال معي لأريك الغرفه.

صعد السلم المتهالك بحذر إلى الطابق الثاني كان هناك ممر ضيق يشبه أزقة مدينته والأبواب على اليمين واليسار من الخشب لم يتم دهنها منذ زمن بعدها توقف الرجل وفتح الباب وقال له:

-هذه غرفتك عليك الانتظار هنا ولا تتحدث لأي شخص.

استغرب من كلام صاحب الفندق وسأله:

-لماذا ؟

-لا تسأل كثيراً عليك البقاء هنا وسوف نلبي كل طلباتك.

أخذ المفتاح ودخل إلى الغرفه وهو مستغرب من كلام صاحب الفندق كانت الغرفه قديمه جدا. الجدران متهالكه لا شكل للدهان فيها اختلطت الألوان وما عاد يميز شيء، هناك سرير قرب النافذة، ودولاب صغير لا قفل فيه، وفي الجانب الآخر حمام قذر وصنبور الماء يصدر صوت مزعج تتساقط منه قطرات الماء ربما ليلة واحده هكذا قال مع نفسه وغدا سوف أغادر هذا المكان الذي يشبه مدينتي فتح حقيبة وأخذ يرتب ملابسه في الدولاب وبعد أن غير ملابسه اكتفى بأن يغسل وجهه لأن الحمام كان هو بحاجه لاستحمام هناك عدد من الفطائر كانت أمه قد وضعتها في حقيبته .

بعد الانتهاء من أكل الفطائر، شرب قدحاً من الشاي كان قد طلبه من عامل الفندق، كانت النافذه تطل على جدار كبير لم تكن تستحق النظر من خلالها حاول الاستلقاء والنوم لكن الأفكار كانت تحاصره من كل جانب ظل يتأمل المكان رغم التعب لم يكن يستطيع النوم أغرق في التفكير حتى أنه لم يشعر بمرور الوقت سمع طرقاً على الباب .

-قال: من؟

-قال أنا مراد الذي أرسلت بطلبك حول موضوع السفر.

لم يصدق ما سمع بهذه السرعه وصل. أسرع وفتح الباب، مراد كان شخص قاسي الملامح بيده لفافة تبغ انتهى نصفها.

-أهلا مراد تفضل.

-لا شكرا ليس لدي الوقت للجلوس ، هل أحضرت المبلغ معك.

-نعم احضرته ، لكن اليس الاتفاق أن اعطيك المبلغ حين أغادر؟ 

-لا ليس هكذا علي ان ادفع أجرة القارب الذي سوف يقلك إلى الجانب الآخر، وان كنت لا تريد بالإمكان أن نلغي الأمر وتعود إلى مدينتك.

 لم يتحمل كلمة تعود لمدينتك أسرع إلى الحقيبه وفتحها اخذ المال منها وأعطاه لمراد حاول أن يتحدث لكن مراد كان قد أنهى الحديث وقال له: 

-عليك البقاء هنا بعد المغيب سوف أرسل في طلبك إياك والخروج من هنا.

وأي طلب بأمكانك أن تطلبه من عامل الفندق .

وخرج مراد دون أن يستمع لأي تعليق اخر . لم يكن قادر على الكلام أسلم امره له بانتظار ما سوف يحدث عاد إلى السرير والأفكار تراوده ماذا سوف يحدث وماذا سوف يأخذ معه في رحلته في القارب .

قال وهو يحدث نفسه :

-انا بحاجه إلى نجادة لأني لا أجيد السباحه ، كذلك احتاج إلى معطف لأن الجو سيكون بارداً في الليل والبحر سوف يزيد من برودة الجو.

نزل إلى عامل الفندق واخبره أنه بحاجه إلى نجادة ومعطف وبعض الاطعمه التي يمكن حملها .

ضحك العامل وقال له:

-كل شيء موجود في القارب الذي سوف تستقله لا تفكر بشيء.

كان مصراً على أن يخرج من أجل التسوق لكن العامل أخبره أنه لا يمكنه الخروج لحين عودة مراد.

استغرب من هذا السجن الصغير لم يكن يعرف ماذا يفعل، صعد إلى غرفته واستلقى على سريره بانتظار ما سوف يحدث، مرت الساعات ثقيلة، جدا فجأة سمع طرقاً على الباب، كان الوقت ما بين الظهيرة والعصر لم يكن هذا موعد مراد نهض وفتح الباب ليجد عامل الفندق وهو يحمل كيساً، ودون أي مقدمات قال العامل:

-هذا طعامك بإمكانك أن تأكل الآن لأن الرحله طويلة.

أخذ الكيس منه وأغلق الباب دون أن يعرف ما بداخله لم يكن قادراً على أكل شي استلقى على فراشه ينتظر الوقت أن يمر سريعا لكنه كان يمضي ثقيلا جدا.

شعر بالتعب وهو على السرير أغمض جفنيه وغط في نوم عميق وبعد برهة من الوقت سمع أصواتاً كثيرة وضجيج  ووقع اقدام بكل اتجاه أسرع إلى الباب ليرى ماذا يحدث لمح عامل الفندق في آخر الممر يصرخ:

-عليكم الخروج الآن الشرطة قادمة.

لم يفهم ماذا يدور، أسرع إلى عامل الفندق مستغربا من كلامه .

-ماذا يحدث؟ 

-لماذا تأتي الشرطه؟ أين مراد؟ 

ضحك عامل الفندق وقال له بسخرية:

-لقد ألقي القبض على مراد والقارب.

-عليك مغادرة الفندق فورا.

-لماذا ماذا فعلت؟ 

-عند مراد قائمة باسمائكم، وسرعان ما ستأتي الشرطة للبحث عنكم.

-عليك الخروج حالا.

عاد سريعا إلى غرفته، لملم حقيبته وملابسه، وأسرع إلى خارج الفندق مرتبكا مذهولاً لا يعرف ماذا يفعل، أوقف سيارة أجرة كانت تمر من هناك. قال للسائق:

-أرجوك خذني بسرعة إلى محطة القطار.

 

۞۞۞

 

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal