مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

طائرة ورقية

Qutoof Al-hind - ISSN: 2583-5130 - مجلة قطوف الهند، المجلد 2، العدد الأول والثاني 2023
April 01, 2023
395 


طائرة ورقية

بقلم: د. مديحة بلاح

كاتبة جزائرية

ما أجمل الكلام الذي لا يقال إلا صمتا...

بحثت في أغراضها ووجدت تلك الورقة المطوية، التي كانت لطائرة ورقية كتب فيها رقم هاتفي وبضع كلمات، وعادت بها الذكريات لما يقارب عشر سنوات مضت، لذلك الشاب الذي دوما ما كان يقف أمام المكتبة الوطنية التي يعمل بها شامخا كشموخ مقام الشهيد الكائن أعلى الربوة قبالتها بالحامة المجاور لشارع محمد بلوزداد الشهير، كان شامخا إلى السماء بأرجل ثابتة في الأرض كسبع يقف أمام الباب يمكن أن ينقض على فريسته في أي لحظة لأنه كان يعمل رئيسا للأمن بها، لكنها لم تكن غزال ولا ماعزا، بل طائرا محلقا.

كانت سماء طالبة في الأدب الإنجليزي ترتاد المكتبة الوطنية باستمرار، وتلتقي به هناك أمام الباب مع شلة أصدقائه لكن دون أي كلام أو حوار بينهما...وبعد عدة لقاءات ومصادفات خيل إلى منير أنها قدره في الحياة، وبداخله كان يحلم بأنه يطلب يدها، وأنها أصبحت ملكا له فهو معجب بها وبأخلاقها، لكنه لم يكلمها وظل يراقبها لبضعة أشهر قبل أن ينطق ببنت شفة، ودون أن تحس به أو بإعجابه نحوها أو على الأقل هذا ما كان يظنه منير عنها.

كان في كل مرة يراها متى تدخل ومتى تخرج للغذاء مع صديقاتها، ويحس بها عندما لا تكون في مزاج جيد للمذاكرة، ويحكي عنها وعن حالها لصديقيه شريف وعيسى اللذين كانا معه في العمل، حتى أنه في يوما من الأيام عندما ذهب مع الأصدقاء وزملاء العمل إلى شاطئ النخيل أو بالمبيش وجلسوا على الكورنيش قال شريف حينها عن خطيبته: هل تعرف يا منير لو سقطت سمية من هذا الكورنيش لرميت بنفسي مباشرة لانتشالها، وقال عيسى الصديق المتزوج أنا المهم أنقذ نفسي، أما منير فقال حالما: طبعا...لو سقطت سماء في هذه الهوة سأكون أنا وهي والموت معا، وهنا انطلقت قهقهات الأصدقاء على العاشق الولهان الذي لم يكد حتى يكلم هذه المحبوبة الغافلة عنه.

 

في اليوم الموالي وبينما هو واقف مع مجموعة من رجال الأمن يعطيهم الأوامر في دوريته للعمل هلت سماء الجميلة وهنا بدأ أصدقاؤه في الغرفة المخصصة لرجال الأمن يغنون أغنية التقدام العاصمي ...عليلوا تزوج وتهنى يا عليلوا...ويبدو أن أغنية الفأل بالأفراح والارتباط قد جعلته يستجمع قواه للتحدث مع سماء، وبعد وقت قصير صعد إلى الطابق الرابع بحثا عنها لأنها عادة ما تجلس فيه لأنه الطابق الأكثر هدوءا والمخصص للباحثين.

  التفت منير يمينا ويسارا في الجهة الشرقية والغربية، ولم يجدها وعرف أنها قد تكون قد اختارت طابقا أخر، كان حسه الأمني عاليا  فقد تعود أن ينتبه إلى أدق التفاصيل بالأخص ما يتعلق بفتاته سماء ويحفظ في ذهنه أدق تفاصيلها ملابسها وألوانها، طريقة مشيتها، تقاسيم وجهها حينما تضحك أو تبتسم، وكيف تلتفت برأسها إلى الخلف وهي تعيد خصلات شعرها الأشقر الذهبي وراء أدنها في حال ما تحس بنوع من الخجل، والقرط الفضي بلؤلؤة زرقاء والسلسلة الفضية الأجمل التي تزين مقدمة عنقها، والشال الذي تضعه على رقبتها أيام البرد، وحتى محفظة أوراقها الأرجوانية اللون وهي تستخرج بطاقة المكتبة يعرفها وكل تلك الأشياء التي تتعلق بها وأحلام كثيرة أخرى...كل هذه الصور دارت في مخيلة منير فيما هو يبحث عنها وأنفاسه تزداد وتيرتها كلما تصور أنه سيكاشفها عن مشاعره.

وصل إلى الردهة النصف دائرية المجاورة للدرج وبينما هَّم بالنزول لمحها جالسة على إحدى الطاولات من قاعة القراءة في الطابق الثالث، ولأن كل الواجهات زجاجية أو أمكنة مفتوحة يمكن رؤية القراء من خلالها، وقبالة الردهة المقابلة رآها مستغرقة بين الكتب تنهل منها ما يغذي فكرها، وأحب كثيرا منظرها وهي مستغرقة في القراءة، ولبرهة بدت كما لو أنها من عالم آخر، ولم يعرف ماذا يفعل أو كيف يتصرف وتظاهر بأنه يبحث عن أحد أصدقائه كي لا يُلحظ عليه الارتباك وعاد أدراجه دون حتى أن يجعلها تراه.

 كانت تلك هي سماء وكم بدت تلك السماء بعيدة وهي تجلس في القسم الخاص بالأدب الإنجليزي وفي الزاوية الأمريكية وهو مكانه متسمر على الردهة المقابلة لها يتأملها من بعيد، صحيح من أنه نشأ بين الكتب ومطلع عليها لكن ليس إلى درجة أنه يتقن الأدب الإنجليزي أو يعرف الثقافة الأمريكية، لذلك فضل أن يرعاها بعينيه من بعيد ويراقبها دون أن يقول شيء، الحقيقة أن هذا الفارق بينهما هو ما يجعل منير يتراجع دوما في اللحظة الأخيرة للاعتراف عن مكاشفتها خصوصا وأنه يعرف أنها من عائلة مثقفة وميسورة الحال.

في إحدى المرات وفي يوم ماطر بينما كانت تهم بالرحيل نزلت الدرج وبوصولها إلى الطابق الأرضي بدأت تلبس معطفها ولمحت شخصا على أخر الرواق هو الأخر يريد أن يلبس معطفه وتوافقت حركاتهما في لبس المعطف ومن أمام المخرج الرئيسي أصبح يقول: إذا لبست سألبس...إذا لم تلبسي لن ألبس... وبوصولها إليه وقد أكملت ارتداء معطفها وهو أيضا كان قد لبس معطفه الجلدي...قال لها: إنه البرد أليس كذلك؟ قالت: نعم...ولم يكن ذلك إلا منير الذي كلمها، وبدأت الفتاة تضحك لأنه كان ظريفا جدا في طريقة كلامه.

هناك فقط تبادل منير مع سماء لأول مرة كلاما عاديا وبدا فعلا أن السماء يومها تمطر عليه أخيرا ببضع قطرات من كلماتها الجميلة، كان منير يومها سعيدا جدا من أنه أخيرا فكت عقدة لسانه معها وأنه وجد طريقا إليها...بدا الجو خارجا غائما وماطرا وباردا وحدها سماء منير صافية ودافئة وفي مزاج جيد للحب مع طائره الوديع...فمنير شاب وضئ وفي عينيه خجل ووسيم جدا، يسكن في الحي المجاور لمقر عمله لذلك يعرفه الجميع هناك ويحبونه، وفي المرة التي تلت حديثهما لأول مرة صعد عندها وبينما هي تدرس في انهماك وجدت طائرة ورقية حطت عند طاولتها فتحتها فإذا بها مكتوب عليها رقم هاتفه وعبارة تقول: أنا معجب بك...ووصل بعد برهة مع الطائرة.

-            وقال: إنه رقمي...لكن سماء لم تعلق، واكتفت بالابتسام بأدب.

-            ثم قال: ماذا تقرئين؟

-            قالت سماء: أقرأ كتابا عن تاريخ الحضارة لأرنولد تونبي، لدي بحث عن الحضارة الغربية.

-            ثم أضاف منير: إن أي حضارة على وجه الأرض تبنى على اليابسة والماء، وبداخله كان يقول إن الحب يبنى على منير وسماء.

فتح معها مواضيع شتى وتحدث عن نظرته للحياة وعن الحب والعلاقات والزواج والأولاد، لكنها لم تستطع أن تقول له أنها مخطوبة، بعد أيام سمع أنها سافرت إلى أمريكا بعدما تزوجت من رجل من أقاربها مغترب في أمريكا وصار يضحك على نفسه أنه لم يسألها ابتداء قبل أن يرسل طائرته الورقية في سماء أحلامها.

لكنها تركت له رسالة مع صديقه شريف كتبت فيها تقول: اعذرني لم أستطع أن أودعك نظرا لضيق الوقت أنت بالفعل شاب رائع وقد كنت سعيدة بالتعرف إليك، بعد غد سأسافر إلى أمريكا مع زوجي...أتمنى لك السعادة دائما...سماء.

الحقيقة أن سماء هي الأخرى كانت تبادله الإعجاب وكانت تنتظر أن يكاشفها بمشاعره حتى أنها في بعض الأحيان كانت تأتي خصيصا لتراه فقط ثم تذهب، ولما لم يكاشفها بحقيقة مشاعره لم تعرف كيف تتصرف خصوصا والعرسان يطرقون بابها كل يوم وكانت دوما تتحجج بالدراسة، ومع إلحاح أمها وعائلتها بقبول ذلك الخاطب المغترب والذي يعتبر من العائلة لم تجد من بد إلا بقبوله، وطارت هناك إلى البلاد البعيدة، التي كانت تدرس عنها فقط في الكتب، وقبلت ورضخت إلى الأمر الواقع لأنه كان قد جاء متأخرا بخطوة ومتقدما فقط بطائرة ورقية وبضع كلمات لا تكفي لبناء بيت.

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal