مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
حُرمة الضيف
حُرمة الضيف الكاتب: عبدل بسم الله[1] ترجمة د. أحمد القاضي[2]   سادت موجة شديد
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

لهب قديم

Vol No 1, Issue No 1- مجلة قطوف الهند
January 18, 2022
775 


لهب قديم

قصة قصيرة
بقلم: محمد بركة/ مصر

هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة.

سرنا باتجاه العمق.

نحو مزيد من العتمة والهدوء وأبواب المحلات الصغيرة التي أغلقت مبكراًً. لازالت تلك الأزقة الضيقة تحمل رائحة تاريخ سري من المؤامرات والمكائد حين كانت الدماء الساخنة تتدفق فجأة، وتجحظ العيون فى رعب، ولا تكتمل أبداًً صرخة الموت الغادر.

ثمة سلطان كان يهز رأسه باسماًً، راضياًً ويقذف بكيس من الذهب ليتلقفه قائد الشرطة مكافأة له على التخلص من شاعر غزلي رأى ديوان المظالم يضج بالشكاوى والقضاة صامتون فتحول إلى معارض سياسي. وفى ظهيرة اليوم التالي ثمة إمام يدعو من فوق المنبر بصلاة الجمعة:

- ادام الله فى عمر السلطان! أعز الله السلطان!

فيردد المصلون خلفه

- آمين!

كنت أشعر بأرواح هؤلاء الذين قُتلوا غدراًً قبل قرون ترفرف بالقرب منا ونحن نسير في هذا الحي من أحياء القاهرة الفاطمية.

أحد الكلاب الضالة تطلع إلينا برهة ثم عاد ينكس رأسه ويطلق عواء خافتاً حزيناً قبل أن يغيب بالظلام.

ماذا تريد هذه الأرواح؟

لا أستطيع أن أفعل لها شيئاًً.

تاريخ أمتي كتبه موظفون فى قصر السلطان، والقتلى راح دمهم هدراًً دون أن يعرف أحد شيئاًً عن قضيتهم النبيلة.

قالت في هدوء:

- لا أريد أن أكمل فى هذا الاتجاه

استدرنا. سألتني:

- فيم تفكر؟

- فى قصص الحب التاريخية التي وُلدت في هذا المكان، نادراًً ما كان الرجل يرى المرأة قبل ليلة الدخلة، لكن للعشاق حيلهم كما تعرفين!

كذبتُ حتى لا أزيد الموقف سوءاًً.

- بالتأكيد

ضحكت

- أحب هذا الحي. يذكرني بدمشق القديمة التي التقطت فيها صوراًً رائعة صنعت منها معرضاً مختلفا.

قالت وهي تمد خطواتها أكثر.

كنت راضياًً تماماًً عن سير عمليات الإرسال والاستقبال بين جسدينا حتى الآن.

فى البداية كانت تتحفظ كلما تلامس كتفانا أو تلاقت أصابعنا بالصدفة. فى الشارع الضيق المزدحم، استسلمت مثل كتكوت مبتل لعناقي غير المكتمل.

فى المقهى لم تمانع من اقتراب ساقىَّ الطويلتين وهي تضع ساقاً على ساق. الآن يبدو أن حقلاً مغناطيسياً لا مجال لمقاومته يحيط بجسدينا، مثلما تحيط الهالة النورانية برؤوس قديسين يجلسون على مقاعد من هواء وتخرق نظراتهم قشرة السماء.

وصلنا إلى قلب " الحسين "... شارع طويل مزدحم بالأضواء وضجة البيع والشراء. الواجهات الزجاجية تزدان بنماذج التماثيل والمسلات والحلى. هنا بازار متخصص فى كتابة أسماء العشاق بالهيروغليفية على ورقة بردي. التسليم بعد ساعة.

          محلات أخرى تخصصت فى الكريستال.

بدت أهرام الجيزة وأبو الهول والكعبة والمسجد الأقصى محملة برقة لا توصف حين تحولت إلى مجرد نماذج شفافة منحوتة من هذه المادة التي تنتمي للسماء.

ــ أوه.. انتظر.. أريد أن أعرف السعر!

أشارت نحو " الكوفيات " العريضة الطويلة فى محل صغير يكاد يكون مجرد صندوق صغير بابه من الحديد.

ــ أريدك أن تسأل أنت عن السعر، لأنني لو سألت سيبالغ البائع باعتباري سائحة

هذا إذن هو الشيء الوحيد الذي لفت نظرها.

نفس الكوفيات التي كانت حكراً على الرجال من البدو والفلاحين، صارت الآن موضة حريمي ووسيلة مجربة لإثارة هوس السياح.

الفارق الوحيد هو تزيين الكوفية العصرية بهذا الكم من الزخرفة والنقوش فى حين أن كوفية جدي حتى فى ليلة عُرسه كانت سادة تماماً.

البائع نظر نحو ماريا أولاً حين سألته. كانت تقف على البعد تتظاهر بتأمل قطع الكريستال داخل الفاترينة.

قال رقمه بهدوء وحسم.

رفض أى محاولة للتنزيل.

أدركت أنه يعرف لمن ستؤول الكوفية. ماريا حسبت الرقم بعملتها فوجدت أنه خمسة يورو.

ــ أوكى. حين استلم ثمن أول لوحاتي التي بيعت بالأمس، سأقوم بجولة شوبنج هنا.

ــــ سأكون معك فى هذه الجولة، وسنصل إلى نصف الأسعار التي يبدأون بها، فكل شيء هنا خاضع " للفصال ".

ــ بالطبع. الأمر نفسه يحدث عندنا وربما أكثر فى الأسواق الشعبية بإيطاليا.. ألم تسمع عن بورتا بورتيزى؟

ــ حمداً لله، لقد بدأت ثقافة البحر المتوسط تعطف علىَّ وتمنحني شيئا مشتركاً بيننا.

قلت بمرح محاولاً أن أخفى إحباطي من عدم دهشتها أو امتنانها لفكرة " الفصال " حتى نصف السعر.

وصلنا إلى الميدان الرئيسي مرة أخرى.

المآذن الشامخة حولنا تحمل البصمة المميزة لفن العمارة الفاطمي. إنه الوجه الآخر للسلطان. دقت ساعة الميدان الواحدة. حانت إذن ساعة الحسم التي سيتوقف عليها مصير وشكل هذه العلاقة، فنحن لن نظل نتسكع هنا إلى الأبد، كنت أعرف أن الدقائق التالية ستحدد اتجاه الريح فى شراييني، وإيقاع نبضاتي فى المستقبل.

استندنا بظهرنا إلى السور الحديدى للحديقة الصغيرة.

رفعت قدمها اليسرى إلى الحافة الرخامية.

ــ هل جربتِ أروع شاي في مصر؟

سألتُ دون مقدمات.

حدقت فى عيني طويلاً ثم انفجرت فجأة فى ضحكة طويلة اهتز لها جسدها بأكمله. شعرت بالارتباك، فقد أصبح منظرنا مثيراً لانتباه أحد ضباط الشرطة، وفضول سيدة محجبة تفترش الحشائش بالحديقة وهي تفرد ورق الجرائد وتوزع سندوتشات الفول والطعمية على أطفالها.

ــ آسفة!

قالت بصعوبة وهي تحاول السيطرة على نفسها.

وضعت يدها على كتفي فازددت ارتباكاً.

ــ أعتذر مرة أخرى، ولكن الرجال فعلاً يتشابهون مهما تغيرت اللغة أو اختلف لون البشرة!

ــ لا أفهم شيئاً

ــ أنت تسألني إن كنت قد جربتُ أروع شاي فى مصر، سأجيبك بأنني أفضل الشاي العادي بطعم النعناع، ستقول إن هناك خلطة سرية لصنع شاي لا يقاوم، وبالطبع مكونات هذه الخلطة لا توجد إلا فى مطبخك. وبالتالي علينا أن نطير فوراً إلى بيتك حتى لا تفوتني هذه الفرصة الرهيبة. ستتظاهر بالجدية وأنت تقول بنبرة خاصة " صدقينى هذه فرصة لا تتكرر ". وحين ينطلق بنا التاكسي باتجاه البيت ستدير فى رأسك كل السيناريوهات الممكنة لمرحلة ما بعد إغلاق الباب علينا، سيكون هذا ممتعاً ومثيراً لخيالك حتى أنك ستكون كريماً مع السائق بشكل استثنائي.

لم أعرف بماذا أرد.

كانت قد هدأت قليلاً هستيريا الضحك المفاجئ أصبحت تحت السيطرة.

ــ هل تشعر بالصدمة الآن لأنني أحبطت مخططاتك؟

سألتني وعيناها تلمع ببريق الانتصار.

أخرجت علبة مناديل ورقية وجففت دمعات تتألق تحت ضوء النيون مثل حبات لؤلؤ لم يعرف الغواصون لها مثيلاً.

لم تكن تنتظر إجابة.

كانت مثل ملاكم أطاح بخصمه بالضربة القاضية بعد مرور 30 ثانية فقط من بدء الجولة الأولى ثم انحنى عليه ليهمس فى أذنه: هل تود أن تحاول ثانية يا عزيزي؟ بينما الجماهير الغفيرة تطلق صيحات الاستهجان والاستياء بسبب انتهاء المباراة سريعاً دون إثارة أو دماء!

ــ أرجوك! لا تبتئس هكذا، فالعيب ليس فيك، بل فى العولمة التي جنت على خيال الرجل فى الألفية الثالثة.

          كنت على وشك أن أسألها ماذا تقصد، غير أنى ضحكت أخيراً.

ــ لست مضطراً لأن تقول أي شيء.

ــ أوكى

قلت مستسلماً.

ولنصف ساعة كنا نسير فى صمت لا يقطعه سوى عناق أصابعنا دون أن نعرف أين تقودنا خطواتنا..

 

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal