مجلة قطوف الهند

Qutoof Al-hind Magazine

ISSN: 2583-5130 (Online)

Related Articles

الحب أعمى
الحب أعمى قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: مخلص الرحمن ** إنه واحد مما يجري في التض
view
الخدَّج
الخدَّج قصة قصيرة بقلم: وفاء عبد الرزاق/ لندن مصابٌ، مريضٌ، معلولٌ، مُشوهٌ، ج
view
عذاب الضمير
عذاب الضمير قصة قصيرة مجيب الرحمن/ الهند بدا الشارع شبه خال من السيارات بسبب ح
view
أحببتك دون أن أراك
أحببتك دون أن أراك قصة قصيرة بقلم: محمد أجمل / الهند في إحدى ضواحي مدينة تشيناي
view
قُبلَة الموت
قُبلَة الموت قصة قصيرة بقلم: إليامين بن تومي / الجزائر كانت على عهدٍ بالموت قب
view
لهب قديم
لهب قديم قصة قصيرة بقلم: محمد بركة/ مصر هبَّت فجأة دفقة نسيم منعشة. سرنا باتج
view
اللّوح الثاني عشر
اللّوح الثاني عشر قصّة قصيرة بقلم: علي لفته سعيد/ العراق كان المجذاف قد اصطدم
view
جاري المْجهول
جاري المْجهول قصة قصيرة بقلم: هادي المياح/ العراق بعد أن أكملتُ ما نويتُ القيا
view
حصادُ الجوعِ
 حصادُ الجوعِ قصة قصيرة بقلم: فاطمة محمود سعدالله/ تونس كانت هيلين تحملق وا
view
طقوس سريّة .... وجحيم
   طقوس سريّة .... وجحيم  قصة قصيرة بقلم: حياة الرايس/ تونس الخضراء تسطع ا
view
....قصة : جميلة
قصة : جميلة .... قصة قصيرة بقلم: عائشة بنور/ الجزائر "جميلة، صديقتي جميلة، تحي
view
مختارات قصص قصيرة جدا
مختارات قصص قصيرة جدا بقلم: إلهام سعيد محمد/ اليمن تضاد اِعْتَرَضْتُ بِشَدَّة
view
...ملِكُ الملوك إذا وهَب
ملِكُ الملوك إذا وهَب...! قصة قصيرة بقلم: ربيعة جلطي/ الجزائر منذ أزمنة ولّت ترو
view
عازفة قصر البيكاديللي
عازفة قصر البيكاديللي قصة قصيرة بقلم: واسيني الأعرج/ الجزائر عندما وقفت سيلين
view
العودة إلى الذات
العودة إلى الذات قصة قصيرة بقلم: رابح خدوسي/ الجزائر كانت كمية القهوة تقل في ا
view
وجاء العيد
وجاء العيد[1] قصة قصيرة مترجمة ترجمة: بروفسير جلال السعيد الحفناوي/مصر اليوم..
view
البحث عن الهوية
 البحث عن الهوية قصة قصيرة بقلم: تجمل حق/ الهند في أحد الأيام، وبينما الصديق
view
الحب الزائف
الحب الزائف قصة قصيرة بقلم: محمد ريحان الندوي/الهند نذير أحمد البالغ من عمره
view
عودة التسُونَامِي
عودة التسُونَامِي قصة قصيرة بقلم: محمد علي الوافي كرواتل/الهند تمهيد: (لا أد
view
تحت ركام الجثث
تحت ركام الجثث قصة قصيرة بقلم: محسن عتيق خان / الهند ما إن بدأ هارش يفك حزام الك
view
قصص قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً بقلم: وفاء عبد الرزاق[1] لندن   (ظِلٌّ) لمْ يكُنْ ظِلُّه الد
view
وابلٌ من الخيطان
وابلٌ من الخيطان بقلم: لبنى ياسين[1] سوريا/ هولندا كيف يمكنُ أن أعيشَ في هذا الع
view
قبر لكل الدموع
قبر لكل الدموع بقلم: إليامين بن تومي - الجزائر[1]   دخل البيت على غير عادته، ل
view
لقاء في كوبنهاجن
                       لقاء في كوبنهاجن          &n
view
من مذكرات كلب
من مذكرات كلب    بقلم: د. بن ضحوى خيرة                &nbs
view
رصاصة الرحمة
  رصاصة الرحمة                 بقلم: طه
view
الفتى العكّاوي
الفتى العكّاوي[1] بقلم: عائشة بنور، الجزائر  القصة الفائزة في مسابقة منتدى ال
view
قصة: حَجــرٌ
قصة: حَجــرٌ بقلم: خيرة بغاديد - الجزائر-[1]          يخطو خطواتِ
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د.  سناء الشعلان (بنت نعيمة)[1] selenapollo@hotmai
view
"خيتينيا"
"خيتينيا" بقلم: هالة البدري/ مصر[1]   لم يتوقعا أن يكون شاطئ ميامي بهذا ا
view
مَنْ جَدَّ وَجَدَ
مَنْ جَدَّ وَجَدَ بقلم: د. مجيب الرحمن[1] "إِنَّ مُسْتَقْبَلَكُمْ بِأَيْدِيْك
view
المقامة الاقتصادية
المقامة الاقتصادية بقلم: د. محمد سليم[1] حكى خالد بن سلام قال مرّة حداني التفكير
view
الإمام الطائش
الإمام الطائش بقلم: د. طارق انور الندوي[1]   كان ذلك الحادث أليمًا ومخزيًا لل
view
محطة النار والدخان
محطة النار والدخان بقلم: د. محمد عفان[1] اقتلوهم ...شردوهم ...البارحة عندما سمع الن
view
ما لها وما عليها الآن
ما لها وما عليها الآن                               &nb
view
العروس الكسولة
العروس الكسولة بقلم: د. محمد أجمل[1]             بينما ا
view
اَللِّحَافُ
اَللِّحَافُ (من الأدب الأردي الهندي)  بقلم: عصمت تشغتائي[1] المترجم: د. محمود
view
دعوة المظلومة
دعوة المظلومة الكاتب: بريم تشاند[1] ترجمة وتلخيص: د. قمر شعبان[2]   خرج المن
view
حصالة الخزف
حصالة الخزف بقلم: د. محسن عتيق خان[1] سيتم إلغاء تداول العملات الورقية النقدية من
view
عيدُ غريبٍ
عيدُ غريبٍ بقلم: عبيد الرحمن[1]   راشد يعمل مهندسا برمجيا في إحدى شركات الحوس
view
في طرفة عين
                                        في طر
view
طالب طموح بين رحى الحياة
طالب طموح بين رحى الحياة د. تجمل حق[1] سمع أنوار الحق قصة نجاحات المتخرجين في الم
view
تاريني ماجي (الملاح)
تاريني الملاح بقلم: تاراشنكر بانديوبادياي[1] ترجمة من اللغة البنغالية إلى اللغة
view
لعبة الأقدار
لعبة الأقدار          بقلم: د. محمد ميكائيل[1] صبيحة يوم السبت من شهر دي
view
صوبور
صوبور حكاية شعبية بنغالية * ترجمة وإعادة الصياغة: د. معراج أحمد معراج الندوي** -
view
الحامول (امربيل)
الحامول (امربيل) الكاتبة: عصمت تشغتائي [1] ترجمة: محمد مظهر[2]   لم يكن كف
view
الباحث عن السلام
الباحث عن السلام ترجمة: بريتي بهارتيا[1] الكاتب: أوبنيدرا ناث أشك[2] لا تبحث عن ا
view
الهنــد التـي أحبهـا
الهنــد التـي أحبهـا الكاتب: روسكين بوند[1] ترجمة: د. محمد أجمل[2] قبل بضع سنوات،
view
طعام بأنامل الموت
طعام بأنامل الموت الكاتبة: كامالا ثريا[1] ترجمة د. عبد الغفور الهدوي كوناتودي[2]
view
النمر الأسود
  النمر الأسود القاص: شهاب الدين فويتومكاداوو[1] ترجمة: عبد الرشيد الوافي [2]
view
اليأس
اليأس الكاتب: فايكم محمد بشير [1] ترجمة: أنشدة رشيد[2] بدأ حياته فقيراً، وعرف الت
view
أوبوماوو
أوبوماوو الكاتبة: تشاندراماتي [1] الترجمة: عبد الله الوافي [2] كلا الولدين يتصلا
view
قصة "بِديني" - مُلاعبة الثعبان
قصة "بِديني"[1]  - "مُلاعبة الثعبان" لـ تاراشنكر بانديوبادهياي[2] الكا
view
كابولي والا (رجل من كابل)
"كابولي والا" (رجل من كابل) قصة قصيرة لـــ"رابيندرا ناث طاغور"[1] ترجم
view
لاعبا الشطرنج
لاعبا الشطرنج قصة قصيرة لـ"المنشئ بريم تشند"[1] ترجمة: [2]د. قمر شعبان في عص
view
يوم ماتت الأميرة ديانا
يوم ماتت الأميرة ديانا قصة لـ: ناميتا غوخالي * ترجمة: د. مخلص الرحمن ** دائما كان
view
ضحكة رنّانة
ضحكة رنّانة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكت
view
في كل سنبلة مائة حياة
في كل سنبلة مائة حياة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى بالمناصفة في الفئة الأولى،
view
الفجوة الجيلية
الفجوة الجيلية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه ف
view
نصيبي
نصيبي (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الدكتوراه
view
بعد الامتحان
بعد الامتحان (القصة الفائزة بالجائزة الثانية بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة الد
view
الجنين المصلوب
الجنين المصلوب (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الأولى، فئة ا
view
لا تذهبي... أنا آسف
لا تذهبي... أنا آسف (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الأولى، فئة الدكتورا
view
السكرتير
السكرتير (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثانية، فئة الماجستير في المس
view
لا أريد منك إلا ساعة وقلما
لا أريد منك إلا ساعة وقلما (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثانية، فئة
view
الجنون
الجنون (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئة الماجستي
view
على ضفة نهر الكنج
على ضفة نهر الكنج (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثانية، فئ
view
الكلب والمالكة
الكلب والمالكة (القصة الفائزة بالجائزة الأولى في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس
view
الفتاة الهندية
الفتاة الهندية (القصة الفائزة بالجائزة الثانية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريو
view
أسوأ سفر
أسوأ سفر (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، في ا
view
النصيحة
النصيحة (القصة الفائزة بالجائزة الثالثة بالمناصفة في الفئة الثالثة، فئة البكالو
view
أمٌّ في وادي تشيناب
أمٌّ في وادي تشيناب (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الأولى، فئ
view
زوج فقير
زوج فقير (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة الدكتور
view
على عتبة الفاشية
على عتبة الفاشية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الأولى، فئة
view
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية
بين عدوى الفيروس وعدوى الكراهية (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الف
view
الحب الأعمى
الحب الأعمى (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثانية في الفئة الثانية، فئة الم
view
أرملة عشيقة
أرملة عشيقة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى في الفئة الثانية، فئة الما
view
مغبة الانتظار
مغبة الانتظار (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية الثالثة في الفئة الثانية، فئة ا
view
الغيبوبة
الغيبوبة (القصة الفائزة بالجائزة التشجيعية في الفئة الثالثة، فئة البكالوريوس، ف
view
جريمة قتل مزدوجة
جريمة قتل مزدوجة  د. محمد أجمل * حان وقت الظهيرة. فكرت أن أستريح لبضع دقائق فقط
view
البوصلة والأظافر وأفول المطر
    البوصلة والأظافر وأفول المطر بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) إن كان
view
ساعتان وبضع دقائق
ساعتان وبضع دقائق إلى روح الشاب محمد الحاج علي الذي قضى في حريق لندن بقلم: لبنى
view
الصّديق السّرّيّ
الصّديق السّرّيّ بقلم: د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) روائية وقاصة أردنية لم يحظّ
view
طائرة ورقية
طائرة ورقية بقلم: د. مديحة بلاح كاتبة جزائرية ما أجمل الكلام الذي لا يقال إل
view
في اليوم العشرين
في اليوم العشرين أ.د. مجيب الرحمن مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواه
view
بنت عفيفة
بنت عفيفة بقلم: د. محمد أجمل أستاذ مساعد، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جام
view
جور الوحوش وعدل الثعلب
جور الوحوش وعدل الثعلب بقلم: عبد الرقيب علي ماجد طالب ماجستير بجامعة جواهر لال
view
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة
غَطِ وجهَكَ بهذهِ الكمامة عبد الرؤوف توتي بن حمزة كاتب هندي كان الطابق الثالث
view
الأب الثاكل
الأب الثاكل بقلم: عبيد الرحمن كاتب هندي "بابا، بابا" كأن طفلة همست في أذ
view
إن العالم لا يصلح للعيش
إن العالم لا يصلح للعيش عبد الله سراج طالب الماجستير، السنة النهائية، مركز الد
view
الشعر الطويل
الشعر الطويل الكاتب: بشيشر براديب* المترجم:  أ.د. جلال السعيد الحفناوي** &nbs
view
ليتوقد الفانوس طول الليل
ليتوقد الفانوس طول الليل الكاتب: خواجه أحمد عباس المترجم:  أ.  د. محمد قطب ا
view
بئر الساقية
بئر الساقية الكاتب: المنشئ بريم تشاند * المترجم:  د. قمرشعبان الندوي ** قال
view
قصص قصيرة جدا
قصص قصيرة جدا بقلم: وفاء عبد الرزاق (1) ( عَارِفٌ غَيرُ عَارِفٍ ) تمدَّد على صو
view
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ
وحش ما قالته العرب في ملحمة الفلسطينيّ  أ.د.سناء الشعلان/ الأردن    &n
view
الضربة الأخيرة
الضربة الأخيرة بقلم: لبنى ياسين سوريا/ هولندا لم يعدْ السيافُ مسرورٌ مسروراً
view
القطار
 القطار زياد طارق عبد الله العبيدي شاعر وقاص من العراق.   ------------------
view
سؤالٌ بحجم الهملايا
 سؤالٌ بحجم الهملايا أ.د. مجيب الرحمن الهند ------------------ كان عادل جالساً في
view
من الشكوى إلى الشكر
من الشكوى إلى الشكر  د. محمد أجمل الهند ------------------ سألت سعاد زوجها حارث بص
view
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....
فَكِّر مَرَّتين قبل أن .....  عابد زين كيه الهند ------------------ ذبلت أشعة الشمس و
view
ضيق القلب
 ضيق القلب سمية رياش ------------------ رأت سيارات متحركة على الشوارع وكانت هائمة ف
view
رجل شقي
 رجل شقي محمد حُمَيْس الهاشمي الهند ------------------ هذه قصة رجل لم يقدر نعم ربه
view
الضغث على الإبالة
 الضغث على الإبالة أمير الدين الهند ------------------ لَبّى شقيق "سلام" دعو
view
الهواية المفضلة
الهواية المفضلة   مجموعة من الطلبة والطالبات جامعة جواهر لال نهرو، نيو دل
view
زوج زيتون
 زوج زيتون شهاب علي الهند ------------------ تفشى الظلام رويدا رويداً وتلاشت أمار
view
طريق النجاة
 طريق النجاة قصة لـ: للمنشئ بريم تشاند ترجمة لـ: د. قمر شعبان/الهند -----------------
view
وقائع المنفى
 وقائع المنفى (قصة ميثولوجية) قصة لـ: ناميتا غوخالي ترجمة لـ: د. مخلص الرحمن/
view
!من يُحيي ومن يَحيى
من يُحيي ومن يَحيى ! قصة لـ: مانك بندوبدهاي (أديب وقاص وروائي بنجابي هندي) ترجمة
view
يوم في حياة منجم
 يوم في حياة منجم قصة لـ: : آر. كيه. نارائن (كاتب هندي شهير) ترجمة لـ: مأمون مظهر
view

حُرمة الضيف

Qutoof Al-hind - ISSN: 2583-5130 - مجلة قطوف الهند، المجلد 1، العدد 3 (عدد خاص بالإبداعات الهندية المترجمة)
July 01, 2022
346 


حُرمة الضيف

الكاتب: عبدل بسم الله[1]

ترجمة د. أحمد القاضي[2]

 

سادت موجة شديدة الحرارة أجواء البلاد بضعة أيام؛ حيث صارت شوارع المدينة كالمقلاة على النار؛ مما تسبب في زيادة أعداد الوَفَيْات. أمَّا الأثرياء فقد احتموا بوضع ستائر نبات الغاب على أبواب بيوتهم؛ التي كان الخدم يُندُّونها بالماء بين الحين والآخر، ولجأ أصحاب المحلات التجارية إلى استخدام الستائر، أمَّا العامة من الناس؛ مثل حلاقي الأرصفة، وبائعي اليناصيب، والباعة الجائلين لم يجدوا إلا الجسور ليحتموا بها ينتظرون حلول المساء، كما اختبأ أصحاب العربات داخل عرباتهم، فلو تعرض جزء من أجسادهم للشمس حتمًا سيحترق.

لقد كادت المناشف أن تَسوَدَّ مِنْ كثرة العرق الذي تشبَّعت به، كان أهل الريف يغطُّون وجوههم بالمناشف، فكانوا يُبدون لمَنْ يراهم مِنْ بعيد قطاع طرق. أمَّا المُتَرجِّلون فكان منهم مَنْ يحمي رأسه بمظلةٍ صغيرة يحملها في يده، والبعض الآخر يحتمي بحقيبة يده، وهناك مَنْ يغطي رأسه بمنديل اليد، أمَّا أصحاب عربات الماء فقد ضاعفوا سعر ماء الشرب.

          لقد ألقت تلك الموجة الحارة بظلالها القاتمة على كل أشكال نشاطات المدينة؛ فأثَّرت على حركة البيع والشراء، ولم يسلم منها النشاط الاجتماعي لسكان المدينة؛ حيث صار الناس عبيدًا رغم كونهم أحرارًا، ومن العجيب أنهم وقفوا أمام هذه الموجة عاجزين عن فعل شيء، كل ما استطاعوا فعله أن يحتفظوا بحُزَم صغيرة من البصل في جيوبهم تقيهم الحر، وهم شاكرون.

كان السيد "سلمان" كغيره يحمل في جيبه حُزْمَة صغيرة من البصل، كانت زوجته قد وضعتها له دون علمه، ورغم معرفته بفائدة البصل، إلا أنه تظاهر بأن البصل لا علاقة له بالحر. كان السيد "سلمان" يمضي بحقيبته في الشارع المُلتهب، وعلى الرغم من رغبته في أن يضع على رأسه الفوطة، أو يُخرج المِنْشفة ويلفَّها حول وجهه، لكن لم يكن مثل هذا الأمر سهلًا بالنسبة إليه، حيث إنه كان في عجلة من أمره ليصل إلى منزل السيد "مشري لال جوبتا"، ولم يجد وسيلة انتقال، وكان يقول في نفسه إنَّ غرفته ليست بعيدة عن المحطة، كما أخبره بذلك السيد "مشري لال".

كانت هذه المرة الأولى التي تطأ قدماه أرض تلك المدينة للقاء السيد "مشري لال جوبتا"؛ لذلك كان يعرف رقم المنزل، لكنه لم يكن يعرف كيف تسير الأمور، إلا أنه كان على يقين بأنه سيجد السيد "مشري"؛ ذلك الشاب الذي يسكن جوار السيد "سلمان"، واشتهر بين الناس بفكره الثوري؛ فقد كان في طليعة شباب "آل جوبتا" الذين حملوا لواء التمرد، وبدأ يأكل اللحم، ويتناول الشاي في كافيتريا المسلمين، نعم! تمامًا مثلما كانت هناك جامعة "بنارس" الهندوكية، وجامعة "عليجره" الإسلامية، كذلك كان في قريتهم مقهى هندوكي، يرتاده المسلمون، كما كان الهندوس يرتادون مقهى المسلمين، أمَّا المتحفظون من الطرفين، فكانوا يعتقدون عدم جواز ذلك؛ مثل السيد "زكي" جار السيد "سلمان"، فقد كان لا يشتري الحلوى إلا من المسلمين فقط ظنّاً منه أن السيد "شيفا شرن" لا يستبرئ من بوله.

كانت القرية تضم بين ربوعها مدرسة واحدة، وكان الجميع مضطراً لتعلُّم اللغة السنسكريتية، لذلك درس السيد "سلمان" عن الإله "راما"، وتفقَّه في العقيدة الهندوكية، وهكذا لم تُتح له الفرصة لتعلم اللغة الأردية، تمامًا كما حدث مع السيد "جيرداري جوبتا" والد السيد "مشري لال جوبتا"، فلم يتعلم غير اللغة الأردية في زمانه، ولم تتح له الفرصة لتعلم اللغة السنسكريتية، وذلك لأنه كان من طبقة "ويشا" ــــ  الطبقة الثانية في هرم الطبقات الهندوسية ـــــ  كما أنه لم يتكلَّف أحدٌ عناء البحث له عن مدرسة أخرى، فمثل هذه الظروف هي التي أجبرت السيد "سلمان" على دراسة اللغة السنسكريتية، ولمَّا ذهب إلى المدينة للدراسة في المراحل العليا، لم يكن هناك بُدٌّ من الاستمرار في تعلم اللغة السنسكريتية، لذلك بات مُوقناً بأنه سيصبح في النهاية مُعلماً لهذه اللغة ، إلا أن الحظ لم يحالفه في ذلك، ووجد نفسه مُعلَّماً لمادة التاريخ في إحدى المدارس الإسلامية المتوسطة التي تم افتتاحها حديثًا في قريته.

خلال الفترة التي التحق فيها السيد "مشري لال" بالثانوية، كان السيد "سلمان" يصل الليل بالنهار ليعلِّمه اللغة السنسكريتية، لذلك كان يعتبره مُعلّمه وقدوته، وكان عندما يراه يلمس قدمه وينحني له احترامًا وتقديرًا، والآن قد حصل السيد "مشري لال" على الليسانس، ويستعد للدخول في مسابقة التوظيف، ورغب في أن يكون السيد "سلمان" أول من يزوره في بيته عندما يأتي إلى المدينة، لذلك أراد السيد "سلمان" أن يحقق له رغبته ويفاجئه بالزيارة دون سابق إنذار.

كان السيد "سلمان" يعرف اسم الشارع، وقال إنه "جوبالكنج"، نعم، كان هذا الاسم، وكان منزل السيد " رادهارامانا مشري" الذي يبعد أقل من كيلومتر من المحطة تقريبًا يحمل رقم B.562.

سأل السيد "سلمان" أحد أصحاب المحلات:

ـــــ يا أخي أين يقع شارع "جوبالكنج"؟

أخبره وهو يمضغ ورق التنبول أن يعود إلى الخلف قليلًا، ويدخل الشارع الذي يتصدَّره عمود الكهرباء. عندما خرج السيد "سلمان" من ظل المحل لفَحَته حرارة الجو على صفحة وجهه، فوضع يده على صدغه، وتذكَّر حُزْمة البصل التي كانت في جيبه، وتوقف لبرهة، وقال: ـــــ نعم هذا هو الشارع. نظر بعناية إلى عمود الكهرباء، ودخل الشارع.

كانت البنايات التي تبدأ بحرف" A" على اليمين، فظنَّ أنه لا بُدَّ وأن تكون البنايات التي بحرف "B" على اليسار، إلا أنه وجد البنايات التي بحرف "H"؛ فتقدم قليلًا للبحث عن البنايات التي يقصدها، لكنه للأسف، وجد بنايات بحروف مختلفة، فارتبك، وأصابته الحيرة، فهو لا يدري إلى أين هو ذاهب.

كان هناك رجل في الشارع ينزع حشرات البق عن فراشه إلى الأرض ليسحقها بقدميه، فرأى السيد "سلمان" ويبدو أنه أدرك حيرته، فتقدم الأخير نحوه وسأله:

ـــــــ أين مبنى: B562؟

ــــــ أووه .... منزل السيد "ميسير"؟ إنه يسكن في شارع "جوبالكنج" القديم، اسلك هذا الطريق، وبعد مسافة قصيرة دُر من عند المعبد إلى اليمين ثم اسأل هناك أي شخص.

شَكَرَ له السيد "سلمان" صنيعه هذا وانطلق. وصل السيد "سلمان" إلى المعبد المقصود، ولما دار ناحية اليمين فإذا به يجد بضع جواميس في مرابطها، وسمع صوت فتاة تقف في شرفة منزلها تنادي بائع الأساور الذي ابتعد عنها، فتوقف وسألها:

ــــــ هل هذا شارع "جوبالكنج" القديم؟

لقد أراد أن يأخذ المعلومة من تلك الفتاة، لكنها لم تنتبه إليه، حيث كانت مشغولة ببائع الأساور، فتقدم السيد "سلمان" من هناك.

بعد قليل من ذهابه رأى المباني العالية ذات الطراز القديم، وتحت ظل هذه المباني كانت الحواري الضيقة باردة إلى حد ما مقارنة بغيرها؛ حيث كان الأطفال يلعبون فيها عرايا، فكَّر السيد "سلمان" أن يقف هناك لبرهة، لكنه واصل المسير.

كان هناك ولد يجري يجر خلفه على الأرض فأراً سميناً قد ربط ذيله بخيط، لم يأبه الولد برؤية السيد "سلمان"، مثلما كان يتوقع هو نفسه، ليس هذا فحسب، بل اصطدم به أثناء جريه، فسأله:

ـــــ أين يقع B:562 ؟ هل تعرف أين يقع منزل السيد "مشري"؟

 نظر الولد إليه نظرة عابرة وفرَّ مُشيرًا إلى المنزل، وذهب ساحبًا فأره. تنفس السيد "سلمان" الصُعداء، وذهب أمام تلك البناية الهائلة، وظلَّ واقفًا هناك. كانت هناك سيدتان جالستان على أريكة، تتحاوران حول قضية إقليم "البنجاب ([3])" على طريقة النساء:

ـــــ يا أم "بيتن" احمدي ربنا أننا في "الهند"، فلا نعلم ما قد يُصيبنا من مكروه لو كنا في إقليم   

  "البنجاب". تقدم السيد "سلمان" نحوهما، سائلًا:

ـــــ هل هذا هو منزل السيد "رادها شرن ميشري"؟

ظلت السيدتان جالستين على أريكتهما، بينما ظن السيد "سلمان" أنهما ستقفان احترامًا له، وفقًا لعادات قريته، لكن هذه هي المدينة. جاءه الجواب من إحداهما:

ـــــ لا. لا يسكن السيد "ميسير" هنا، إنه يسكن في "جواهر نجر" هناك يسكن مستأجرون له. أجابته المرأة، ثم صمتت، بينما سألته الأخرى، وهي تحكُّ رأسها:

ــــــ ما الأمر؟

ــــــ يسكن في منزله شابٌّ يدعى "مشري لال جوبتا"، أريد أن أقابله.

ـــــ اصعد السلم واذهب إلى الأعلى ستجد غرفته.

دخل السيد "سلمان"، كان المدخل مُظلمًا، توقف برهة حتى ظهر صنبور الماء في أحد الأركان، ثم ترآى له السُّلَّم، فراح يصعده في حذر.

وأثناء صعوده حدثته نفسه أن السيد "مشري لال" سيكون نائماً، وسيضطر إلى أن يدق الباب لإيقاظه من النوم، وسيستيقظ مذعورًا ويفتح سلسلة الباب، وينظر إلى الخارج وأجفانه تغالب الشعور بالنوم، وعندما سيراه أمامه سينحني احترامًا له، قائلًا:

ـــــ مَنْ؟

وعندما عبر السُّلَّم تفاجأ بصوت امرأة من طرف آخر، فسألها:

ـــــ هل السيد "مشري لال" موجود؟ فأجابته:

ــــ انتظر قليلًا.

كان جوابها حادًّا، فظنَّ السيد "سلمان" أنها مشغولة في أمر مهم، فوقف على طرف مدخل آخر ليس له باب، وبدأ يفكر في أمرٍ ما، أثناء هذا رأى سيدة بيضاء في منتصف العمر، كانت ترتدي ملابس شفَّافة، خرجت من صحن البيت مهرولة، ودخلت غرفة أمامية وارتدت ملابسها، وخرجت بعد أن تحشمت بقميصها، وقالت:

ـــــ تفضل.....

          نادت على السيد "سلمان"، فدخل المنزل، وكأنه لم يرها منذ قليل، ربما ظنت السيدة مثله، وظلت واقفة بكل ارتياح. رأى السيد "سلمان" ملابس مغسولة مُعلَّقة في أطراف صحن المنزل، وقد غطت رائحة الغسيل أجواء المكان. وهنا أجابته السيدة:

ــــ يسكن السيد "مشري لال" في غرفة مجاورة، لكنه ليس موجودًا الآن، خرج منذ الصباح إلى مكانٍ ما، مِنْ أين أتيت؟ تفضل ...

أجابته السيدة في أدب جَمٍّ، وبسطت الفُرُش للضيف ثم دخلتْ الغرفة، وجاءتْ بعد قليل بواجب الضيافة، ووضعته أمام الضيف، وقالت:

ـــــ تفضل الماء، إنه يوم حارٌ جدًا.

مجرد أن قالت هذه الجملة، نظرت إلى ملابسها المغسولة، ولا أعلم ماذا دار في خَلدها، فوضعتْ الماء على الأرض ثم ذهبتْ إلى الداخل، وأتت هذه المرة بمروحة يدوية، ووضعتها أيضا على الفُرُش.

تناول السيد "سلمان" ما قدمته له من واجب الضيافة، وشرب الماء، وأخذ مروحة اليد وبدأ يحركها بهدوء، وقال:

ـــــ هل ذهب "مشري لال" إلى خارج المدينة؟

ـــــ لا. لم يذهب إلى خارج المدينة، بل سيكون في مكان ما في المدينة، ربما ذهب إلى دار السينما، أو إلى منزل صديق، كان يتواجد كل يوم هنا، لكنه ذهب اليوم فقط إلى الخارج.

نظر السيد "سلمان" إلى الساعة؛ التي أشارت عقاربها إلى الثالثة، شعر بالتعب فاستلقى لفترة وجيزة، ثم أتت السيدة له بالوسادة من الغرفة، وقالت:

ـــــ استرح قليلًا سيأتي السيد "جوبتا" في المساء.

 وضعت المرأة الوسادة عند رأسه، ثم جمعت الثياب المبللة في الدلو، ونزلت إلى الأسفل.

عندما استلقى السيد "سلمان" بدأ يضايقه البصل الذي كان في جيبه، فأخرجه ووضعه تحت السرير، وبعد قليل غلبه النوم. رأى في المنام أن أساتذة مدرسته يتشاجرون مع بعضهم البعض، وكان ناظر المدرسة يوبِّخ أستاذ التدريب البدني السيد "ستياناراين يادف"، وعندما ناصره السيد "سلمان" هاجمه كل الأساتذة، في هذه اللحظة استيقظ السيد "سلمان" من نومه.

يبدو أن الليل قد حلَّ، كان صحن المنزل دون مصباح، وكان هناك مصباحٌ خافتٌ في الداخل يصل نوره إلى الصحن، إلى جانب الضوء الذي يأتي من الداخل من موقد الطعام الذي كانت السيدة تطهو عليه الطعام. لقد صار صحن المنزل الذي كانت تفوح منه رائحة الغسيل في الظهيرة يفوح الآن برائحة الطعام. وهنا سأل السيد "سلمان":

ــــ ألم يأتِ "مشري لال" حتى الآن؟

أجابته السيدة في قلق، وهي تحمل صينية الشاي الذي أعدته سلفًا في أكواب من "الاستانلس":

ـــــ ماذا أقول لك سيدي، لا أعرف أين ذهب اليوم؟ كان لا يبرح غرفته.

ـــــ يا إلهي لماذا أرهقت نفسك يا سيدتي؟

ـــــ ليس هناك تعب، الشاي يُعدُّ في المساء عادة.

تناول السيد "سلمان" الكوب، وعادت السيدة إلى الموقد، وفي هذه الأثناء صعد رجلٌ مبللٌ السُّلَّم يلفُّ حول خصره منشفة، ويحمل خيوطه المقدسة، ودخل الغرفة، وبدأ يتلو بعض أبيات من الكتاب المقدس، وبدأت رائحة البخور تختلط في الفضاء برائحة الطعام. 

 اختلس "سلمان" النظر إلى الداخل، فوجد أن كل أثاث البيت مُرتبًا ومُزَّينًا، وكانت صور كل الآلهة الهندوكية: "راما، كريشنا ، هنومان ، شنكر ، باروتي ، لكشمي ، جنيشا، وغيرهم" مُعلَّقة على جدران الغرفة، وكانت هناك لافتة مكتوب عليها: :رام مانوهر باندي" مساعد في هيئة التليفونات. نعم لقد كان "رام باندي" هو مَنْ يحمل البخور في يده اليمنى، ويحرّكه حول جميع صور الآلهة، وهو يمسك مرفق يده اليمنى بيده اليسرى، ويتلو بعض أبيات كتاب "جيتا" المقدس بطريقة يشوبها الصواب والخطأ، وكانت مروحة سقف الغرفة القذرة تتحرك ببطء شديد. 

أعدت السيدة الطعام، ثمَّ بدأت تصنع الخبز، أراد السيد "سلمان" أن يرحل، ويقيم في أحد الفنادق، ويلتقي بـ"مشري لال" في الصباح لأن الليل يطول، ولا خبر عنه حتى الآن. فالتقط حقيبته، قال:

ــــ أنا ذاهب الآن سأقابله غدًا في الصباح.

فسألته السيدة بعد أن استدارت ونظرت إليه:

ـــــ إلى أين ستذهب؟

ـــــ سأقيم في فندقٍ ما.

ـــــ لماذا يا سيدي الفندق، ألا يوجد مكان هنا؟

ـــــ تفضل بتناول الطعام، واصعد إلى سطح المنزل واستلقِ هناك، سيأتي السيد "جوبتا" في الليل، 

  وإن لم يأتِ فيمكنك الذهاب في الصباح، لن أدعك تذهب في هذا الوقت، تفضل هنا، واخلع

  نعليك، واغسل يديك واجلس للطعام.

ـــــ لا يا زوجة أخي، لماذا تتعبين نفسك؟

لم ير السيد "سلمان" غضاضة أن يناديها بـ"زوجة أخي".

ـــــ ليس هناك تعب، تفضل وتناول الطعام.

أصبح السيد "سلمان" مضطرًا؛ فخلع نعليه، وغسل وجهه ويده وقام، في هذه الأثناء كان السيد "باندي" قد فرغ من طقوس عبادته، وجلس على فراشه يتفحص بعض الأوراق في الداخل، لم يجد السيد "سلمان" الفرصة حتى يُسلِّم عليه، رغم أنه كان يرغب في ذلك بشدة، و لم يكن من العدل أن يحيِّه بعد مرور كل هذا الوقت، لهذا حاول أن يتحدث معه دون أن تحية، وهنا قالت السيدة مُجددًا:

ـــــ أخي، تفضل أنت الطعام أيضًا. فجاوب السيد "سلمان" في غلظة نظرًا لانشغاله ببعض الأوراق:

ـــــ لا. سأتناول العشاء بعد قليل.

ـــــ تفضل أنت ربما تكون جائعًا وعطشانًا بسبب تعب النهار، إنه سيتناول الطعام فيما بعد، إنه

  تناول بعض الأشياء بعد مجيئه من المكتب، وبينما أنت نائمٌ، استدعته السيدة مجددًا وبسطت له الفُرُش، ووضعت الطعام في الطبق، وملأت الإبريق بالماء ووضعت جانبه الكوب.

جلس السيد "سلمان" على الطعام، تتملكه مشاعر السرور والحبور؛ فلم يكن يتوقع أن يجد في قريته شخصًا من طبقة البراهمة يُطعم أحدًا على مائدته دون أن يسأل عن طبقته، وعقيدته، وظن أن هذا يمكن أن يحدث في المدينة رغم أنها ليست مدينة كبيرة وسكانها يتقلدون إلى حد ما عادات القرية وتقاليدها، لكنها في النهاية مدينة؛ يعتنق سكانها المثقفون أفكارًا تقدمية، ويمتازون بسلاسة التفكير ومرونته. إنهم متدينون لكنهم مُتحررون غير تقليديين. كان السيد "سلمان" يأكل ويفكر، وقد أعجبه "الباذنجان"، ومخلل "المانجو" الطازج، نعم كان لذيذًا رغم أنه لم يُطهى بشكلٍ كامل، كما كان الخبز مخلوطًا بالسمن، وهو الذي كان يأكله خاليًا من السمن في بيته، بل كان يُلفُّ في قطعة قماش حتى لا يصبح يابسًا جافًّا. 

تقدمت السيدة مرة أخرى لتضع أمامه خبزًا آخر طازجًا يَخرج منه البخار، وهي تسأل:

ـــــ هل جئت من قرية السيد "جوبتا "؟

رفع السيد "سلمان" رأسه، و في هذه اللحظة فرغ السيد "باندي" من أوراقه وكان يقطع المانجو، فقد كان صوته فظًّا كالعادة، وهنا، أجاب السيد "سلمان"، وهو يلتقط بعضًا من مخلل المانجو"، ويضعه في فمه:

ـــــ نعم يا زوجة أخي.

 استدعى السيد "باندي" زوجته بالإشارة، وأعطاها ثلاثَ قطعٍ من المانجو، وضعتها السيدة في طبق السيد "سلمان"، وهنا سأله السيد "باندي" بنفس صوته الفظ:

ـــــ هل أنت أخوه؟

تضايق السيد "سلمان"، وأجابه:

ـــــ لا. إنه تلميذي.            

ـــــ هل أنت مدرس؟

ــــــ نعم يا سيدي.

ــــــ أين تعمل؟

ـــــ في قريتي.             

ــــــ هل أنت أيضًا من عائلة "جوبتا"؟

ـــــ لا، يا سيدي.               

ــــــ هل أنت من طبقة براهما؟

ـــــ لا. أنا مسلم، واسمي "محمد سلمان".

عَرَّفَ نفسه جيدًا، وهو يمسك في يده كِسرة خبز أخيرة مغموسة في الخضار، وهنا نظر السيد "باندي" إلى زوجته فوجدها هي أيضًا تنظر إليه، وكأنما يريدان أن يقولا نفس الشيء، لكنهما لا يستطيعان أن يُفصحا عنه بشكل مُباشر.

أمَّا السيد "سلمان"، فكان ينتظر خبزًا آخر، لكن السيدة تركت الموقد وانصرفت إلى بعض شئونها داخل المنزل، وهنا راح السيد "سلمان" يتناول بعض قطع المانجو. بعد برهة أقبلت السيدة من الخارج، تحمل في يدها كأسًا من الزجاج والخوف يبدو في عينيها، ثم تقدمت والتقطت الكوب "الاستانلس" الذي شرب فيه السيد"سلمان" الشاي من قبل، واستبدلت به الكأس الزجاجية.

تذكر السيد "سلمان" أنه كان يشرب الشاي في كوب من "الاستانلس" ذلك المساء، وأنه تناول طعامه أيضًا في طبق من "الاستنالس"، فانتابته بعض الحيرة، ثم أخذ طبقه وجلس بعيدًا، وبدأ يغسل طبقه الذي أكل فيه. عادت السيدة إلى الوراء، ونظرت إليه، لكنها سرعان ما انشغلت في شئونها المنزلية، وراح هو يفكر ولسان حاله يقول:

ـــــ لم يأتِ "مشري لال" حتى الآن.

**********


[1] هذه قصة: ATITHI DEVO BHAVAللدكتور "عبدُل بسم الله"؛ كان مولده في "الله آباد" عام 1949م، عمل مدرسًا، ثم رئيسًا لقسم اللغة الهندية في الجامعة الملية الإسلامية بـ “نيودلهي". التقيته في فبراير 2011م. له عدد من الأعمال الأدبية؛ الشعرية والمسرحية. نال جائزة "لال نهرو السوفياتية". ولقد أهداني مجموعته القصصية التي تحمل نفس العنوان صديقي الدكتور "مجيب الرحمن" الأستاذ في جامعة جواهر "لال نهرو" بعد التواصل مع المؤلف.

[2] أستاذ الأردو في جامعة الأزهر الشريف، من رواد دراسات الأردو في جمهورية مصر العربية، له عدد كبير من المؤلفات ما بين ترجمة وتأليف، مربي جيل من الأساتذة والمهتمين بالأردو في الهند في مصر، شغل منصب الملحق الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية في نيو دلهي قبل ثلاث سنوات.

[3] - إقليم البنجاب: تقاسمته "الهند"، و"باكستان" عام 1947م، بعد مجازر راح ضحيتها الآلاف من البشر.

Post a comment:



© 2022 Qutoof Al-hind Journal