القصيدة النثرية
فتاة راهبة
بقلم: محمد معراج عالم[1]
يا حبيبتي،
هل تتحدثين عن الدنيا؟
ومن فيها من الساكنين؟
يا حبيبتي:
هل تسألين عن تصرفات الدنيا ومن فيها؟
ألست على علم بأمر الدنيا؟
هنيئاً لك كرارا ومرارا،
هنيئا لك جهلك بالدنيا وما يجري فيها.
هنيئا لك صفاء قلبك من اللوث
الذي انتشر في البر والبحر،
ألا هو لوث الروح!
يا حبيبتي و يا عزيزة قلبي.
حذار من الغوص في بحر الدنيا.
لو كانت الرهبانية جائزة
لنصحتك بالرهبانية.
واللجوء إلى غابة نائية،
بعيدة عن الوحوش المتقمصة لباس البشر،
بعيدة عن الذئاب الضواري في شكل العباد.
بعيدة عن البهيمية التي تعربد في البلاد،
وعن النار المشتعلة التي
تكاد تحرق كرامة بنت حواء،
يا كريمتي:
حذار من القرب من أهل الدنيا.
لأن الدنيا مكر ودهاء
وأهلها نفاق ورياء
وأنانية
وعبدة المصالح الشخصية
فمن ينقذك من أن تصبحي طعمة للذئاب؟
ومن يحميك من أن تكوني فريسة للبهائم؟
ومن يكون حصنا متينا لك؟
ومن يكون درعا حديديا لك؟
هل تتوقعين من زعيمك السياسي؟
هل تتوقعين من إمامك في المعبد؟
هل تتوقعين من مرشدك الروحي؟
هل تتوقعين من زملاءك في المدارس
والمعاهد والكليات والجامعات؟
هل تتوقعين من معشر الكتاب والمبدعين؟
هل تتوقعين من معشر الشعراء والمفكرين؟
هل تتوقعين منهم أن يحموك ويعالجوا
الداء الفتاك المستشري في الأحشاء!
آهٍ لتوقعك وحسن ظنك بهم!
هل يستطيع الميت أن ينقذ الحي؟
هل يستطيع النائم أن يوقظ الساهر؟
هل يستطيع الغريق أن ينجد الغريق؟
يا حبيبتي:
لقد مات كل من عقدت الأمل بهم؟
لقد نام كل من تفاءلت بهم خيراً
إنهم أموات في عداد الأحياء
لا خير فيهم ولا أمل!
فلا سبيل لك إلا أن تكوني قوية وشجعانة،
لا تحتاجين إلى سند غير شجاعتك،
وإن لم تستطيعي أن تكوني باسلة،
فلا خيار لك سوى أن تكوني راهبة،
احبسي نفسك في جدران الصومعة
كما يحبس المصاب بكورونا في البيت،
وصوني نفسك من قذارة الدنيا!
[1] باحث في مركز الدراسات العربية والأفريقية بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي.
A very thought provoking peace of writing. Masha Allah, congratulations.
Words that have meaning and high moral value Thank you dr. Meraj