(A Dialogue between the Soul and the Body)
النَّفْس
تُرَى مَنْ يَرْفَعُ، مِنْ هَذِهِ الزِّنْزَانَةِ،
نَفْسًا مُسْتَعْبَدةً مِنْ جِهَاتٍ شَتَّى؟
بِمَزَالِيجِ الْعِظَامِ، الَّتِي تَقِفُ
مَغْلُولَةً فِي الْأَقْدَامِ؛
وَمَصْفُودَةً فِي الْأَيَادِي.
هُنَا عَيْنٌ يَعْتَرِيهَا الْعَمَى؛ وَهُنَاكَ
أُذُنٌ تُصِيبُهَا الطُّبُولُ بِالصَّمَمِ.
نَفْسٌ مُعَلَّقةٌ، كَأنَّهَا مَضْغُوطَةٌ، فِي سَلَاسِلِ
الْأعْصَابِ، وَالْأَوْتَارِ، وَالْعُرُوقِ.
مُعَذَّبَةٌ، وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أجزائِهَا وَاحِدٌ،
فِي رَأْسٍ فَارِغٍ، وَقَلْبٍ مُزْدَوج.
الْجَسَد
تُرَى مَنْ عَسَاهُ أَنْ يُحَرِّرَ الْكُلَّ،
مِنِ قُيودِ هَذِهِ النَّفْسِ الطَّاغِيَةِ؟
تِلْكَ الَّتِي، تَتَمَدَّدُ مُسْتَقِيمَةً، لِتُسَيِّجَنِي هَكَذَا،
وَتَحْفُرُ جَرْفَهَا الَّذِي أَمْضِي عَلَيْهِ؛
وَتُلْهِبُ وَتُحَرِّكُ هَذَا الْإِطَارَ الَّذِي لَا حَاجَةَ لَهُ أَوْ إلَيهِ:
(حَرَارَةٌ لَيْسَ بِوِسْعِهَا أَنْ تَفْعَلَ سِوَى ذَاتِ هَذَا الشَّيْءِ)
وَ، رَغْبَةً مِنْهَا فِي النِّكَايَةِ بِي،
تَجْعَلُنِي أَحْيَى لِكَي تَدَعَنِي أَمُوتُ.
جَسَدٌ لَا يُتَاحُ لَهُ قَطُّ أَنْ يَسْتَرِيحَ،
مَادَامَتْ هَذِهِ الرُّوحُ الْمَرِيضَةُ تَتَمَلَّكُهُ.
النَّفْس
أَيُّ سِحْرٍ يُمْكِنُهُ هَكَذا أَنْ يَحْبِسَنِي
دَاخَلَ حُزْنٍ آخَرَ حَتَّى أَضْوِيَ؟
حَيْثُ أَسْتَشْعِرُ، أَيًا كَانَ مَا يَشْكُو مِنْهُ،
الْأَلَمَ، الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْعُرَهُ.
وَتُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ أَنْ يَسْتَغَلَّ كُلَّ مَا يُقلْقِلُنِي،
لَا لِشَيْءٍ إِلْا لِيَبْقَى، وَهُوَ مَا يُهَدِّمُنِي:
مُكْرَهَةٌ لَيْسَ فَقَطْ أنْ أُقَاسِيَ
الْأَمْرَاضَ، وَإنَّمَا، مَا هُوَ أَسْوَأُ، الْعِلَاجَ:
وَمُسْتَعِدَةٌ فِي أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ أَنْ يَرْبَحَ الْمَرْفَأ،
فَهَلْ أَنَا حُطَامُ سَفِينَةٍ تَتَعَافَى مِنْ جَدِيد.
الْجَسَد
لَكِنْ لَيْسَ بِوِسْعِ الْجَسَدِيِّ حَتَّى الْآنَ أَنْ يَبْلُغَ قَطُّ
الْعِلَلَ التي تُعَلِّمِينَهَا لِي؛
وَالَّتِي تَتَمَزَقُ مِنْهَا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ عَضَلَةُ الْأَمَل:
ثُمَّ ارْتِعَاشَاتُ الشَّلَلِ مِنْ الْخَوفِ.
طَاعُونُ الْحُبِّ يَسْتَعِرُ:
أَمْ قُرُوحُ الْكَرَاهِيَّةِ الْخَفِيَّةِ تَلْتَهِمُ.
يُرْبِكُ هُوَ جُنُونُ الْمَرَحِ الْبَهِيجْ:
أَمْ جُنُونٌ آَخَرُ مِنَ الْأَسَى يَهِيجْ.
أَيُّ مَعْرِفَةٍ تِلْكَ الَّتِي تُجْبِرُنِي أَنْ أَعْرِفَ؛
وَالذَّاكِرَةُ لَنْ تَسْتَبِق.
مَنْ كَانَ بِمَقْدُورِهِ أَنْ يَمْلِكَ تِلْكَ الْحِكْمَةَ عَدَا النَّفْسَ
لِيَعْلُوَ بِبُنْيَانِي كَيْمَا أُطَابِقَ الْخَطِيئَةَ؟
هَكَذَا هُمْ البناؤون يُشَذِّبُونَ وَيَبْتُرُونَ
الْأَشْجَارَ الْخَضْرَاءَ الَّتِي تَنْمُو فِي الْغَابَةِ.
***************************
شاعر إنجليزي من الشعراء الميتافيزيقيين، (1621-1678)