ذاتَ مساءٍ شتوي دافئ
هبطَ القريةَ شاعرْ
يخطو تتبعه الغيماتْ
يصمتْ
تتصحرُ فينا النجماتْ
قالوا سكيرٌ عربيد
يشربُ فى الليلةِ سبعَ سمواتٍ
وإن يكتبْ
تخرجُ أحرفُه بالنور معتقةً
فى دَنِّ الصلواتْ
والويلُ لمن يقرأ
لا يعرفُ هل وصل الجنةَ
أمْ زُوِّج حورَ الكلماتْ
قيلَ وكان طويلًا جدًا
إن قصُرتْ قامتُه
وحنونًا جدًا كحكايا الجدَّاتْ
فلا حدَّ لشموخِ الروحِ لديه
وإن مالَ اهتزتْ كلُّ الربواتِ
سقطتْ من سدرتها آلافُ التمراتِ
لتأكلَ جارتُنا
فيضئُ على الساعدِ وشمُ الفرسان
ويُقالُ تزوجَ ذاتَ ربيعٍ
أنجبَ كلَّ الثوراتْ
وقالوا عشقتُه جميعُ نساءِ الأرض
فسهرنَ الليلَ طويلًا
كي يسرقن القمر الساكنَ
فى عينيه للجزر المنسيةِ فى سفْرِ اللَّذاتْ
قالوا: وجميلٌ جدا كان
كطاولةِ العشاق
شمعٌ وزهورٌ وكمنجاتْ
إن مرَّ عليهم
أنجبت العاقرُ كلَ الملكاتْ
قالوا وبليلٍ أدهمَ أسودَ
حملَ الشاعرُ فى القلبِ نبيًّا أبيضَ
فأقامَ حوائطَ كادتْ تنقضُّ
وقتَّل غِلمانًا لم تولد بعدْ
خرقَ سفينًا لمْ يعرف جزرًا
أو مدْ
شربَ النهرَ وحطَّم أعمدةَ السدْ
قالوا:
مجنونٌ يحيا فيما بعدَ البَعْد
فأُقيمَ عليه الحدْ
ألقوْه فى النارِ فكانتْ بردًا وسلاما
وضعوه فوقَ صليبٍ
فالصَّاعدَ فى الأفقِ حماما
رفَّ على الأرضِ قميصًا
أبْصرَ من كان وما كانَ
أينَ قميصُ الشاعر؟ أينانا؟
مُذ غابَ الشاعرُ
والقريةُ تنجبُ عُميانَا
لم نبصر فى القرية إلا غربانا